عن شهداء تدافع مشعر منى- تكتب ليلى السقاف

زاوية الكتاب

كتب 1550 مشاهدات 0


شهداء تدافع مشعر منى
ليلى السقاف

السعودية

 

من جديد دماء طاهرة سقت أرض مكة ، لم تسقي أرض الحرم بل سقت أرض مشعر مِنى ، أرواح طيبة خيرة زُفت إلى باريها في أول أيام التشريق ، شهداء التدافع تسابقت خطاهم لطريق الجِنان ، يقول الله - سبحانه و تعالى - في سورة آل عمران: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [آل عمران: 169 - 170].

فهم أحياء و لكن نحن لا نشعر بهم ؛ ولذلك عندما سُئل ابن مسعود عن هذه الآية من سورة آل عمران:{﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ﴾ [آل عمران: 169]، قال: أمَّا أنا فقد سألتُ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: ((أرواحُهُم في جوف طيرٍ خضر، لها قناديل مُعلَّقة بالعرْش، تَسرَح من الجنَّة حيث شاءَتْ، ثم تأوي إلى تلك القَنادِيل...)) أخرجه الإمام مسلم في باب بيان أن أرواح الشهداء في الجنة برقم (3500).

فهنيئاً لهم الشهادة فالرسول صلى الله عليه و سلم لم يُغسل الشهداء حيث قال في شُهَداء أحد: ((زمّلوهم بكُلُومهم ودِمائهم؛ فإنهم يُبعَثون يومَ القيامة و أوداجهم تَشخَبُ دمًا، اللون لون الدم و الرِّيح رِيح المسك)) النسائي (1975).

ما أعظم أجرهم و ما أحسن ريح دماهم ، دماء برائحة المسك تفوح فتعطر الأرجاء و أرواح تسكن الجنة.
اسمعوا هتافهم و هم محلقون في السماء :

(لاَ تَحْزَنُوا يَا إِخْوَتِي
إِنِّي شَهِيدُ الْمِحْنَةِ

وَكَرَامَتِي بِشَهَادَتِي
هِيَ فَرْحَتِي وَمَسَرَّتِي

وَلَئِنْ صُرِعْتُ فَذَا دَمِي
يَوْمَ الْقِيَامَةِ آيَتِي

الرِّيحُ مِنْهُ عَاطِرٌ
وَاللَّوْنُ لَوْنُ الوَرْدَةِ

آجَالُنَا مَحْدُودَةٌ
وَلِقَاؤُنَا فِي الْجَنَّةِ

وَلِقَاؤُنَا بِحَبِيبِنَا
بِمُحَمَّدٍ وَالصُّحْبَةِ

وَسِلاَحُنَا إِيمَانُنَا
وَحَيَاتُنَا فِي عِزَّةِ )



فقد قال النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن قُتِل دون مالِه فهو شهيدٌ، ومَن قُتِل دون أهله فهو شهيدٌ، ومَن قُتِل دون دمه فهو شهيدٌ، ومَن قُتِل دون دينه فهو شهيد)) أخرجه أبو داود برقم (4142) والترمذي (1341) و صحَّحه الشيخ الألباني.

كما ورد في صحيح البخاري و صحيح مسلم و سنن الترمذي و زاد المعاد : ( حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ ، عَنْ حُمَيْدٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : ' مَا مِنْ عَبْدٍ يَمُوتُ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ يَسُرُّهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا وَأَنَّ لَهُ الدُّنْيَا ، وَمَا فِيهَا إِلَّا الشَّهِيدَ لِمَا يَرَى مِنْ فَضْلِ الشَّهَادَةِ ، فَإِنَّهُ يَسُرُّهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا فَيُقْتَلَ مَرَّةً أُخْرَى)


هم طلبوا الشهادة و نالوها بفضل من الله فقد ورد في السنة ما يدل على أن من عزم على الجهاد عزمآ صادقآ ، وطلب الشهادة ، أعطي كرامتها :
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ طَلَبَ الشَّهَادَةَ صَادِقًا أُعْطِيَهَا وَلَوْ لَمْ تُصِبْهُ ) رواه مسلم (1908)،

وعن سهل بن حنيف رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ بَلَّغَهُ اللَّهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ ) رواه مسلم (1909)


وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

( َمَنْ سَأَلَ اللَّهَ الْقَتْلَ مِنْ نَفْسِهِ صَادِقًا ثُمَّ مَاتَ أَوْ قُتِلَ فَإِنَّ لَهُ أَجْرَ شَهِيدٍ )

رواه أبو داود (2541) والترمذي (1653) وقال حسن صحيح . وصححه ابن دقيق العيد في ' الاقتراح ' (ص/123) والألباني في ' صحيح أبي داود '.


فما عساي أن أقول غير قول الدكتور الشاعر / جمال مرسي :


( يا شهيـداً أنـت حـيٌّ

ما مضى دهرٌ و كانـا
ذ
ِكْرُكَ الفـوّاحُ يبقـى

ما حيينـا فـي دِمانـا

انـت بـدرٌ سـاطـعٌ ما غابَ

قد بذلتَ النفسَ ، تشري

بالـذي بِعـتَ الجنانـا

هانَتِ الدُّنيا ، و كانـتْ

دُرَّةٍ ، كانـت جُمـانـا

فارتضيتَ اليومَ عدنـاً

خالـداً فيهـا مُصانـا )
طوبى لهم و ربح بيعهم ، تَركلوا الدنيا الفانية لكسب جنان الله الخالدة ، أهالي الشهداء لا تحزنوا و لا تجزعوا لأن من فقدتم قد منّ الله عليهم بحسن الخاتمة إدعوا لهم و تصدقوا عنهم و تذكروهم بالخير دوماً و تذكروا قول الدكتور الشاعر / جمال موسى:

( في جِنانِ الخلدِ يلقـى

ربَّهُ ، فالوقـتُ حانـا

دثِّريـهِ يـا روابــي

توِّجـيـهِ الأُقحـوانـا

و اْذكري دوماً شهيـدا

قـد أبـى إلا الجِنانـا

ربمـا نلـقـاهُ فيـهـا

فـنـراهُ ، وَ يَـرَانـا )
عسى الله أن يجمعنا بهم في ( ما لا عين رأت و لا أذن سمعت و لا خطر على قلب بشر ) .

الآن - رأي: ليلى السقاف

تعليقات

اكتب تعليقك