ناصر المطيري ينتقد تطبيق سياسة الحضور الجسدي دون الحضور الإنتاجي للموظف

زاوية الكتاب

كتب 907 مشاهدات 0


النهار

خارج التغطية  -  الإدارة بين الإنتاج والبصمة

ناصر المطيري

 

يتجه العديد من الوزارات والهيئات الحكومية وبتعليمات من ديوان الخدمة المدنية إلى تعميم تطبيق نظام بصمة الحضور والانصراف على الموظفين ، هذا الأمر في ظاهره يعطي انطباعا بحرص الجهات الحكومية على الالتزام الوظيفي و ضبط الدوام بساعات العمل اليومية ولكن في حقيقة الأمر أن اعتماد هذا التوجه بشكل مطلق لنا فيه رأي ووقفة..
فلسفة هذا التوجه تغفل جانب الانتاج الحقيقي للموظف وتركز على جانب الحضور «الجسدي» الشكلي للموظف في مقر عمله ، فيتساوى في التقييم الموظفون ذوو الكفاءة الانتاجية العالية مع الموظفين غير المنتجين ..
كما أن الأمر يتفاوت من إدارة إلى أخرى فهناك ادارات خدمية فاعلة تقوم بواجباتها ويلتزم موظفوها بأوقات الدوام بانضباط «بدافع ذاتي» هو حجم العمل وتقدير المسؤوليات الملقاة عليهم ولا يحتاجون إلى نظام إلزامي يضبط حضورهم وانصرافهم بل إن الكثيرين منهم يعمل ساعات اضافية لانجاز عمله وربما بعضهم حمل ملفاته إلى بيته لإكمال عمله وتأدية مسؤولياته .. وفي المقابل هناك ادارات خلقت منها الادارات العليا في بعض الوزارات والهيئات «مخازن بشرية» وسلبت منها الفاعلية الانتاجية وانتقصت من اختصاصاتها الطبيعية فأصبحت إدارات بائدة بعد أن كانت سائدة ، وهذا ليس عيبا في الموظفين بل هو في «الإرادة الادارية» التي شاءت أن تجرد بعض الادارات من الطاقة الانتاجية لدى كثير من الموظفين ممن لديهم الاستعداد والقدرة والتأهيل لتسلم مسؤوليات وظيفية ، لذلك سوف يكون الانجاز الوحيد لمثل هذه الادارات هو الحضور والانصراف فيبدأ دور الموظف ببصمة حضور ويختتم ببصمة الانصراف وما بينهما تضيع ساعات العمل بلا انتاجية ملموسة. 
المؤسف أن الذهنية الإدارية في الدولة تتجه نحو تطبيق سياسة الحضور الجسدي دون الحضور الانتاجي وهذا بلاشك سينعكس على مستوى الأداء ونوعية الخدمة وخلق طبقة وظيفية باصمة غير منتجة ، هذه الذهنية التي تتعامل مع الوظيفة بأنها مجرد بصمة تعكس نظرة غير تنموية وتؤكد أن هناك فشلا في خلق بيئات عمل منتجة وسوء ادارة في توزيع العمل والاختصاصات الوظيفية مما يؤدي إلى ايجاد فجوات إدارية تجعل بعض الإدارات الحكومية عديمة أو ضعيفة الانتاجية ..
المشكلة تكمن في العقلية الادارية فهي لابد أن تكون عقلية تهتم بالشكل ومجرد التواجد في مقر العمل بشكل منتظم ومنضبط وتغفل الجانب الانتاجي للموظف وهو المهم ، فبعض الموظفين ينتج بساعة عمل واحدة ما ينتجه زميل له في مدة شهر كامل ، وفي نهاية الأمر الموظف البصام غير المنتج يتساوى في الامتيازات والتقييم مع الموظف «المكروف» الذي تعتبر البصمة بالنسبة له تحصيل حاصل وربما الموظف البصام هو من يحظى بالترقية والمنصب ويقفز بمفعول المحسوبية على رأس من هو أعلى كفاءة وانتاجية منه.
المطلوب يا سادة اعتماد تقييم موضوعي وفتح مجالات العمل والانتاج للجميع وتوزيع الاختصاصات بشكل عادل واعطاء ذوي الاختصاص الفرصة في التفاعل والفاعلية وعلى هذا الأساس يكون التقييم والإنصاف.

النهار

تعليقات

اكتب تعليقك