إغلاق 'الطليعة' بحكم نهائي

محليات وبرلمان

الخطيب يستذكر 'أبو الدستور وغدونا مسخرة' والنيباري يعتبره 'حكم إعدام' والرشيد يقترح جمع مبلغ الورثة

8381 مشاهدات 0

الخطيب والنيباري والرشيد

أحمد الخطيب: يا عبدالله السالم، ظُلمنا ودستورك في خبر كان والفساد عمَّ وغدونا 'مسخرة'

عبدالله النيباري: بحُكم محكمة التمييز، يتحقق إعدام «الطليعة»، ذات التاريخ الوطني المشرف.

أنور الرشيد: لننقذ الطليعة ونجمع حصة ورثة المنيس بدلا من إغلاقها.

في الوقت الذي أصدرت فيه محكمة التمييز حكما بشكل نهائي بتصفية جريدة الطليعة وإغلاقها، بدعوى مرفوعة من قبل أحد ورثة النائب الأسبق الراحل سامي المنيس، كان للحكم وقعا من خلال ثلاث مقالات تناولها كلا من الدكتور أحمد الخطيب وعبدالله النيباري وأنور الرشيد، وتنشرها أدناه:


أحمد الخطيب : إلى رفيق الدرب وقائد المسيرة الشيخ عبدالله السالم.. ظُلمنا.. لكن الفرج قريب

أحمد الخطيب

إلى روحك الطاهرة المحلّقة في السماء، تراقب الوطن الحبيب، في الوقت الذي تم تبديد كل ما حلمتَ به، من رخاء وعزة وأمان وريادة في كافة الميادين، لجعل الكويت منارة للآخرين ممن يحبون الخير لبلدهم وشعبهم..

نبلغك.. لقد أصبحنا في عين العاصفة، التي تجتاح المنطقة، وبدأنا نشعر بخوف شديد، بعد انفراط اللحمة، التي جمعت كل أطياف المجتمع، وحمتنا من الكوارث.. لقد كنتَ الأب الحنون للجميع، نلجأ إليك وقت الشدائد، فأنت الحكم العادل الذي يثق به الجميع.

يا «أبوالدستور»، لقد أصبح دستوركَ في خبر كان، والقوانين تنمَّرت عليه وعلى روحه.. الفساد عمَّ كل شيء، إلا ما ندر، فتعطلت المشاريع التنموية، إلا أقل القليل منها.

لقد أصبحنا في مؤخرة الأنظمة المجاورة، وغدونا «مطنزة» (مسخرة) لدى الآخرين، بعد أن كنا الأوائل والقدوة التي يحتذون بها.. حتى نادي الاستقلال «ذبحوه».. أتعرف لماذا؟ لأنه دافع عن دستورك، الذي وقَّعت عليه مختاراً، فالدفاع عن الدستور أصبح جُرماً عقوبته الإعدام!

لقد دخلت القوات الخاصة، بكامل أسلحتها، لتفتيش سراديب النادي، مدفوعين بظنونهم المريضة، أنها مليئة بالرشاشات والمتفجرات والدبابات!

هكذا صورت مخيلة البعض غير السوية سراديب النادي، وكأنها ترسانة أسلحة.. وحينما اكتشفوا أنه ليس في النادي سراديب، ولا بين أروقته أسلحة، «حطوا حرقتهم» في مكتبته، فجمعوا الكتب، ووضعوها في ساحة النادي، وأحرقوها، كما فعل هولاكو عندما دخل بغداد.

واليوم جاء دور «الطليعة»، المنبر الحُر لكل الوطنيين، لدعم الديمقراطية والحرية، وهي في طريقها لكي تُباع بالمزاد، كالبضاعة الفاسدة.. ألا حسبي الله ونعم الوكيل!
لكن، على الرغم من كل هذه المظالم، أقول:
يا رفيق الدرب وقائد المسيرة لا تحزن، فقد بتُ أشعر بقرب الفرج، فرياح الإصلاح التي اجتاحت العالم، ها هي تعلن وصولها إلينا، ولو بشكل خافت ومتقطع.. إنها بواكير تباشير الخير في استئناف المسيرة الإصلاحية السلمية، وسوف تتجذر وتتوحد، ويحمل أحفادنا، من شابات وشباب، مشعل الأمل، لتعود الكويت، وتحتل المركز المميَّز الذي تستحقه.

وأريد أن أطمئنك، وأقول لك إن كوكبة من أبنائك «الصباحيين» يحملون نفس آمالك وأحلامك، وسيكونون بحول الله سنداً مهما لهذا التحول المبارك لإعادة الأمجاد التي تحمَّلت أنت الكثير بسببها، وخرجت منتصراً ببسالة مذهلة، معتمداً على أهل الكويت الأوفياء.
يا رفيق الدرب وقائدة المسيرة، أبشرك بنصر قريب.. إن الله سميع مجيب.


بدوره، كانت وجهة نظر النائب الأسبق عبدالله النيباري حول حكم إغلاق الطليعة من خلال مقاله أدناه:

عبد الله النيباري : الحكم بإعدام «الطليعة»

عبد الله النيباري

يوم الأحد الماضي (22 نوفمبر الجاري)، صدر حُكم محكمة التمييز، برفض الطعن في حُكم محكمة الاستئناف، القاضي بتصفية «الطليعة»، بناءً على دعوى قدَّمها أحمد المنيس، نجل المغفور له الأخ الفاضل الشهم والصديق سامي أحمد المنيس.

وبحُكم محكمة التمييز، يتحقق إعدام «الطليعة»، ذات التاريخ الوطني المشرف.

فقد كانت «الطليعة» منذ صدورها عام 1962، وعلى مدى 53 عاماً، منبراً للدفاع عن حق الشعب، والصوت المعبّر والمدافع عن مطالبه الوطنية، وقد تعرَّضت «الطليعة» للإيقاف والتعطيل عدة مرات، وخاصة في فترات تعليق العمل بالدستور، وحل مجالس الأمة.. وفي تلك الفترة كانت الصوت الذي تنتظره قطاعات واسعة من أبناء الشعب في المعارك السياسية، وعلى الأخص معارك تعديل الدستور لإلغاء صلاحيات مجلس الأمة، وكان ذلك بعد حل المجلس وتعطيله لمدة أربع سنوات، للنظر في ما سُمي بـ«تنقيح الدستور».

ولم تكن «الطليعة» خلال تلك الظروف مشروعاً تجارياً، بل كانت مشروعاً وطنياً يتحمَّل الخسائر المالية، التي كانت تُغطى بالتبرعات، من أصحاب الضمائر الوطنية.

وكذلك، بعد حل مجلس الأمة عام 1986، وإقدام السلطة على تعديل الدستور عام 1990، بالنص على إلغاء مجلس الأمة، واستبداله في ما سمي آنذاك بـ«المجلس الوطني»، الذي جرى انتخابه وسط مقاطعة شعبية واسعة.

لقد كانت «الطليعة»، وعلى امتداد تاريخها، شعلة تضيء طريق الكفاح الوطني، للتمسك بمكاسبه، وحماية الدستور، والسعي لتحقيق التحول الديمقراطي، الذي قال عنه المغفور له الشيخ عبدالله السالم في خطابه لإقرار الدستور إنه خطوة لاستكمال شروط الديمقراطية.

القضية بدأت، بعد وفاة المرحوم سامي المنيس، بمطالبة ابنه أحمد بملكية «الطليعة»، على اعتبار أنها ملك والده، الذي لم يورث لهم شيئاً، وفق قوله، ولا سيما أن امتياز إصدار «الطليعة» كانت له قيمة مالية كبيرة، آنذاك، قبل فتح المجال لإصدار تراخيص الصحف (حيث لم يتم إصدار تراخيص جديدة منذ عقد الستينات)، وفي تلك الفترة كانت لامتيازات الصحف قيمة كبيرة، وهذا ما حدث على سبيل المثال بالنسبة لجريدتي «الوطن» و«الرأي العام»، وكذلك وردت عروض كثيرة لشراء ترخيص «الطليعة» بمبالغ كبيرة، لكنها لم تقبل، ولم يكن من الوارد بالنسبة لنا بيعه.

وخلال نقاش بين أحمد المنيس وبقية الشركاء، وهم: د.أحمد الخطيب وأحمد النفيسي وعبدالله البعيجاني وعبدالله النيباري، تم توضيح وضع «الطليعة» له، بأن الشركاء المسجَّلة بأسمائهم «شركة الطليعة للطباعة والنشر» لا يملكونها ملكية شخصية حقيقية، فـ «الطليعة» مشروع وطني أقرب منه إلى المشروع الخيري، وهم ليسوا ملاّكاً، وإنما أوصياء، فقد صدرت باسم المرحوم عبدالرزاق خالد الزيد الخالد، نيابة عمَّا يمكن أن نُطلق عليه «جماعة الطليعة»؛ ومنهم د.الخطيب وجاسم القطامي وعبدالرزاق الخالد وسليمان أحمد الحداد وسليمان خالد المطوع وراشد التوحيد وسامي المنيس وعلي عبدالرحمن العمر (وهم نواب في مجلس الأمة الأول)، وبقية رفاق الدرب، أي أنها تعد جريدة للتيار الوطني، آنذاك.

وفي عام 1963، انتقل ترخيص «الطليعة» من عبدالرزاق الخالد إلى سليمان الحداد، ثم إلى سامي المنيس، ولم يحصل الخالد والحداد على مقابل مادي، نظير تنازلهما، ولم يدفع سليمان الحداد ولا سامي المنيس شيئاً مقابل تنازل عبدالرزاق الخالد، من ثم تنازل سليمان الحداد بعد ذلك، وبقي المُلاك الحاليون أوصياء لا يملكون حصصا شخصية.
تم توضيح كل ذلك لأحمد المنيس، إلى جانب أن جريدة «الطليعة» كانت مدينة لـ «شركة الطليعة للطباعة والنشر»، وكانت «الطليعة» حينها تتكبَّد خسائر متواصلة، وتموَّل من الشركة التي تدير المطبعة، ومن التبرعات التي يقدمها أصدقاؤها، وأظهرت ميزانية جريدة «الطليعة» عجزاً، آنذاك، قدر بـ 217 ألف دينار.. وبالتالي، فإن الحصول على امتياز «الطليعة»، وقتها، كان «مغرماً لا مغنماً».

توقيع الوثيقة

وفي 2001/6/28، وافق ورثة سامي المنيس وبقية الشركاء على توقيع وثيقة سُميت «عقد اتفاق ملزما»، أقروا فيها بالتالي:
«يقر أطراف العقد، بأن مجلس الإدارة هو مجلس وصاية يعمل على حُسن إدارة المؤسسة وتنميتها، لتحقيق الأهداف التي أُنشئت من أجلها، ولا يجوز لأي منهم تحقيق أي منفعة مادية ذاتية، مباشرة أو غير مباشرة، من ورائها»، وهذا العقد (الوثيقة) هو بمثابة عقد شرف، قبل أي شيء آخر.
وفي عام 2008، تقدَّم أحمد المنيس، نيابة عن بقية الورثة، بدعوى أمام القضاء، يُطالب فيها بتصفية شركة «الطليعة»، بعد تقدير أصولها، وأهمها حق الانتفاع بالقسيمة الصناعية المُقامة عليها المطبعة، والأرض والمباني التي عليها هي أهم الأصول، إذ قدرت بمليوني دينار، ولو تمَّت تصفية الشركة، فإن نصيب أحمد المنيس والورثة قد يصل إلى 400 ألف دينار، أقل أو أكثر، وفق القيمة السوقية.

وقد صدر حُكم المحكمة الابتدائي، برفض الدعوى، فتقدَّم أحمد المنيس بدعوى أمام محكمة الاستئناف، بإلغاء الحُكم الابتدائي، وصدر حُكم الاستئناف، بحل وتصفية شركة الطليعة، وأرجعت المحكمة سبب اتخاذها لهذا الحكم، أن العقد الذي وقعه الشركاء، بمن فيهم ورثة المرحوم سامي، لم يُوثق بشكل رسمي، أي لدى المحاكم والجهات المختصة.. وبالتالي، تعد وثيقة عُرفية معدومة القيمة، بعدها تقدَّم الشركاء الأوصياء الآخرون بدعوى أمام محكمة التمييز، بإلغاء الحُكم المستأنف.. وبعد نظر الدعوى، قررت محكمة التمييز النطق بالحُكم يوم 2015/11/22 برفض الطعن، وتثبيت حُكم الاستئناف.

ونحن في «الطليعة»، إذ ينتابنا شعور بقسوة الأحكام القضائية التي صدرت بحق «الطليعة»، وآخرها تغريمها بـ 20 ألف دينار، على خلفية تقارير نشرتها، كانت قد تناولتها صحف أخرى، إلا أنها لم تُحاسب عليها، وذلك لأنه ربما لم تتقدَّم وزارة الإعلام بتحريك قضايا ضد هذه الصحف، مثلما ترصدت لجريدة «الطليعة»، فالحُكم الذي صدر بتهمة المساس بالقضاء لم يصدر بناءً على دعوى منه، وإنما بتحريك من قِبل وزارة الإعلام.

وفي النهاية، أودُّ أن أبيّن أمرين؛ الأول: موقف «أم أحمد»، أرملة المرحوم سامي المنيس، والأخ عبدالوهاب المنيس (شقيق سامي)، الرافض والمُعارض للدعوى، حرصاً على المحافظة على نقاء رصيد سامي المنيس وإخلاصه وتضحياته لقضايا الشعب في العمل الوطني، وعلى نقاء عائلة المنيس الكريمة، التي قدَّمت الشهيد محمد المنيس فداءً للوطن، وقد حاول كلاهما (أم أحمد وعمه عبدالوهاب) ثني أحمد عن المُضي في الدعوى، لكن جهودهما لم تفلح.

والثاني، أن العديد من أصدقاء «الطليعة» والحريصين عليها تقدَّموا بمفاتيح بيوتهم، ليضعوها تحت تصرُّف «جماعة الطليعة»، حماية لها، ولكي تستمر في أداء دورها الوطني.. فلهم منا جزيل الشكر.


بدوره، قال أنور الرشيد في مقال له:

لازال في الوقت مُتسعاً قبل أعدام الطليعة
حزنت وتألمت لخبر تصفية جريدة الطليعة والله يصبر القائمين عليها فعندما يربط إنسان تاريخه بأمر ما ويذهب عنه ذاك الأمر منه لابد أن يشعر بأن شيئاً ما أُنتزع من أحشائه.

تصفية الطليعة يجب أن لا تتم مهما كانت الظروف والأقدار ولا أعتقد بأن القائمين عليها عاجزين عن دفع حصة ورثة المرحوم سامي المنيس ، وأذا كانوا عاجزين عن تدبير هذا المبلغ فأني أدعو كافة شرفاء الكويت بأن نقوم بحملة جمع تبرعات لتقديمها ل لورثة المرحوم سامي المنيس وإخراجهم كتخارج طبيعي يحدث في كل مكان ، المبلغ الذي ذكره الاستاذ عبدالله النيباري مبلغ بسيط حقيقة ولا يتجاوز 400 الف دينار وهذا المبلغ مقدور عليه واتمنى أن تكون هناك تسوية تحفظ تاريخ تلك الجريدة التي تلقت طعنات تلو الأخرى للقضاء عليها ، وتأتي هذه الطعنة استكمالا لطعنات نجح اعداء الديمقراطية بتوجيهها لهذه الجريدة وتاريخ التيار الوطني انتقاماً حقيقية من دورها ودور ديوان المرحوم سامي المنيس تحديداً ، فالملاحظ أن الطعنة الأولى وجهت لديوان سامي وها هي الطعنة الثانية والاخيرة والنهائية توجه للطليعة ، ولا أتهم احد بعينه ولكن واضح بالنسبة لي أن هناك أيادي خفية لعبت دور تدميري من وراء كواليس التيار الوطني الكويتي أما ا.م. ما هو إلا واجهة لجهات واشخاص عملوا منذ اليوم الثاني لوفاة المرحوم سامي للقضاء على ديوانه وجريدته وتاريخه عندما عجزوا عن شراء ذمته ،المهم في هذه المرحلة انقاذ ما يمكن انقاذه ، فمبلغ 400 الف دينار لا يستحق أن تُصفى من أجله الطليعة ، وكما تم ترويج بأن ذلك الامتياز هو وقف للحركة الوطنية فآن أوان أثبات ذلك أزف وليس هناك مجال للمناورة ، لذلك ادعو كافة العناصر الوطنية الشريفة بأن تلتقي بلقاء عاجل وموسع ويكون اجندة ذلك اللقاء هو للتبرع لأجل انقاذ ذلك التاريخ ، أدرك وأعرف ومقتنع بأن عبدالله النيباري لديه موقف مني وأنا لدي موقف منه ، ولكن في هذه اللحظة التاريخية اترفع عن كل شيء وكل حدث وأُنحي خلافي معه جانباً واضع يدي بيده لأجل الطليعة ، تلك الجريدة التي تربيت بها ولازالت أشتم عبق حبرها بذكرياتي أرجو أن تصل الرسالة وأنا أول المُتبرعين نقدا وحالاً.
أنور الرشيد

معن عاشور: نأسف لاغلاق الطليعة ونحيي رجالات الكويت الوطنيين
ومن جهته قال الكاتب معن يشور: رغم احترامي للقضاء الكويتي ورفضي التدخل في شأن داخلي في الكويت وغيرها لا يسعني الا أن أعرب عن أسفي البالغ لغياب 'الطليعة' التي أطل من منبرها أشرف الرجال وأنبل القضايا في أصعب الظروف وأخطرها.
 
أنا من جيل كانت الطليعة رافداً من روافد وعيه وفكره ونبراساً مضيئاً للعروبة والديقراطية لأكثر من نصف قرن . وكلنا ثقة أنه لو غُيبت الطليعة المنبر ، فروح الطليعة باقية برجالاتها وشبابها . 
 
رحم الله جاسم القطامي وسامي المنيس وفيصل الصانع ورفاقهم وأطال الله بعمر من ينتظر وما بدلوا تبديلا.
 أ.معن بشور
 
الآن - محرر المحليات

تعليقات

اكتب تعليقك