حمود الحطاب متسائلاً: هل نقدنا الحاد للحكومة ضيع فرص التنمية في البلاد ؟!

زاوية الكتاب

كتب 682 مشاهدات 0


السياسة

شفافيات  -  هل نقدنا للأداء الحكومي سبب عناد الحكومة؟

د. حمود الحطاب

 

كتب لنكلن رسالة لقائده العسكري ميد الذي كان يحاصر جيش القائد لي حيث وقع الأخيرفي مصيدة مدمرة بين نهر فائض وجيش ميد, وطلب منه العمل على سحقه وهزيمته فذلك يسارع في إنهاء الحرب؛ لكن ميد اجتمع بقيادات جيشه ورفضوا تنفيذ أوامر لنكلن الذي عرف أن تأخر ميد عن تنفيذ أوامره قد أعطى فرصة عسكرية للقائد لي للهرب فاشتاط غضباً وكتب رسالة نقد قوية وجهها لقائده العاصي، وكان لنكلن في أوج نضجه ورجاحة عقله حين كتب ذلك النقد، ووجه الرسالة الجارحة للقائد ميد الذي لم يقرأها! والسبب أن لنكلن عندما توفي وجدوا تلك الرسالة في مكتبه فهو لم يبعثها للقائد ولأسباب عديدة منها: أنه وضع نفسه موضع قائده الذي رأى دماء وأشلاء الأعداء في معارك سابقه جعلته يفكر في حقن الدماء أكثر من تفكيره في إراقة الدماء، ولأنه لو وجه له رسالة النقد هذه لربما قدم استقالته ،وهنا سيخسر قائدا عظيما حقق نجاحا كبيرا في الحروب, ولأن قائده سيجد لنفسه ألف مبرر لعدم إقدامه على إبادة ذلك الجيش المحاصر، ولن يسبب النقد له غير اشعاره بالدونية وعدم الأهمية, .كل ذلك دفعه لعدم إرسالها فلقد تعلم لنكلن دروسا في عدم النقد حيث أوقعه نقده الساخر اللاذع يوما في مواجهة تافِهٍ كاد أن يقضي على حياته. فهل نقدنا الحاد الجارف الساخر للحكومة مجتمعين, ككتاب وقياديين وأعضاء مجلس الأمة, كان سببا مباشرا في عناد حكومتنا في الاستجابة لمحتوى النقد وتنازلها عن كبريائها تجاه اعترافها بأخطائها ، وذلك ضيع فرص التنمية في البلاد؟ وهل الظن بأن عدم النقد يعني تماديها في الأخطاء؟ فالنقد يكشفها وقصورها أمام العالمين؛ وهذا يدعوها لبعض التراجع عن التمادي في الغي أحيانا. والله إن الأمر محير جدا. لكني أعتقد أيضا وأيضاً وأيضا، أن الساكت عن الحق شيطان أخرس, كما أعتقد من جانب آخر مواز له: أن الرفق ما كان في شيء إلا زانه وما انتزع من شيء إلا شانه. لنكلن قضى بقية حياته لا يقول في الناس إلا خيرا فهل دخل في زمرة النفاق, وهل هذا الكلام الذي أقوله يفرح الهتيفة المنافقين. هل يعني هذا الكلام تراجعا مني شخصيا عن نقد أداء الحكومة الذي كنت أكتبه في مقالاتي على الأقل منذ عام واحد وتسعين وإلى الآن؟ هل تغيرت فجأة؟ بالطبع لا. لم أتغير. ولن أتوقف عن الكشف عن القصور في الأداء الحكومي وذلك للمصلحة العامة؛ ولكني سأجرب شيئا في الغد في هذا المجال فلعله يكون أكثر نفعا. وبودي أن أوضح للمداحين الطبالين الزمارين أن عالمهم الهابط عالم لا يستحق إلا أن تسد أنفك عنه، وتكرم نفسك عنه. وأن عالم الحق وعالم الصراحة راحة, وأن قول الحق هو المبدأ ولا تراجع عنه إطلاقا. لاتراجع، لاتراجع. غدا إن شاء الله سأجرب شيئا آخر من النصيحة ومن التوجيه ومن ابداء الرأي .فإن لم يجد أذنا صاغية.. فالفلقة الناقدة. تابعونا. إلى اللقاء.

السياسة

تعليقات

اكتب تعليقك