الأزمة الأخلاقية هي أهم مسببات الفساد الإداري.. كما يرى وليد الغانم

زاوية الكتاب

كتب 1143 مشاهدات 0


القبس

الوزير البترولي الفقير

وليد عبدالله الغانم

 

هذا اللقب المعبر استحقه وزير النفط، بعد ان دخل الوزارة ثم خرج منها بثيابه لم يحمل معه شيئا، لم تتضخم أرصدته، لم ينفّع اقاربه وأصحابه، لم يتعاطَ مع العقود والمناقصات، لم ينمّ. ثروته العقارية الخاصة داخل البلاد وخارجها، لم تغره بهرجة المنصب وفلاشات الاعلام، ولم تغره مقابلة رؤساء الدول ولا اتصالات السفراء، باختصار هو النموذج الذي اطلق عليه الناس «الوزير الأمين»، إنه وزير النفط السعودي الراحل عبدالله الطريقي - رحمه الله - أو كما نسميهم في الكويت «الطريجي»، وهم من عوائل الزلفي الكريمة التي انتشر ابناؤها في السعودية والكويت كعادتهم في القرنين الماضيين..
تتحفنا الصحافة يومياً بقصص التلاعب والاحتيال في وزارات الدولة، موظفون يتسلمون رواتب بلا دوام، قياديون يستحلون ميزانية الوزارة، وزراء ينفّعون اصحابهم وربعهم، شركات تغش في عقودها، مناقصات لا تكتمل، بدلات ومكافآت من دون وجه حق، لجان وفرق عمل تنفيعية، دورات ومؤتمرات سياحية، ترقيات غير مستحقة، تستّر على الفاسدين، وهكذا ادمنا في الكويت الاستماع الى هذا الموال اليومي الغثيث والمزري لاوضاع الادارة العامة، على الرغم من وجود جيوش من انظمة المحاسبة، كما يفترض من ديوان المحاسبة وجهاز المراقبين الماليين وجهاز الرقابة الادارية وهيئة مكافحة الفساد، ومع هذا يستمر الفساد في التنامي والتنوع.. 
لقد ذكرنا مرات عديدة ان الازمة الاخلاقية هي اهم مسببات هذا الفساد الاداري، فعندما يفقد الانسان الامانة والحياء والضمير الحي والعفة عن الاموال، فانه يخوض في الحرام حتى يغرق فيه ثم يدفن معه في قبره، الا ان يتوب، ولكن ليست الاخلاق فحسب هي سبب هذا الفساد، وانما يضاف اليها سبب آخر هو ندرة المسؤول القدوة الذي يتأسى به صغار الموظفين، فيرون فيه الامانة في العمل والصدق مع الناس ورعاية مال الدولة وتقديم المصلحة العامة على مصلحة النفس والربع والحزب والطائفة والقبيلة، وعدم الخضوع لضغوط الفساد وفتنته، فاذا وجد مثل هذه القدوة الادارية والقيادية يبدأ الناس في احترام وظائفهم واعمالهم.. وزير بترولي وفقير، هذا المثال الذي يودّ الناس سماعه.. والله الموفق.
إضاءة تاريخية: 1914/12/14، تم تغيير علم الكويت ليصبح أحمر اللون، وكتب عليه اسم «كويت» باللون الأبيض، في اواخر عهد الشيخ مبارك الكبير.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك