هل تجرؤون؟

زاوية الكتاب

زايد الزيد يوجه تحدياً للحكومة للكشف عن ملفات الفساد المليارية

كتب 5594 مشاهدات 0


النهار

الخلاصة  -  هل تجروؤن؟

زايد الزيد

 

دائما ما ينعكس وجود الرادع القوي على كل فاسد من خلال عقابه وسجنه ليكون عبرة وعظة لكل من تسول له النفس الإتيان بالفعل ذاته من التطاول على المال العام بأي شكل من الأشكال، وينعكس ذلك ايضا في نفس كل مواطن، لأنه يعرف جيدا ان حقه وحق أبنائه من المال العام لن يذهب سدى، كما انه في الوقت ذاته فاننا نعرف جميعا مدى الغبطة والسرور التي تنتابنا مع صدور أي حكم قضائي يعاقب الفاسدين بالسجن وتغريمهم مالياً، وعلى العكس تماما ينتابنا الحزن وتتملكنا علامات العجب من براءة متهمين بالفساد، ليس تشكيكا بالقضاء، بل حزنا وتعجبا من عدم كفاية الادلة والأوراق والمستندات التي تدين المتهمين والتي تكون مقدمة من الجهات الحكومية المعنية للجهات القضائية، وهي ما عُرفت عندنا في الكويت على نطاق واسع بالأخطاء الإجرائية، وهو مسلسل طويل الأمد لم ولن ينتهي ما لم تكن هناك ارادة صارمة لردع الفساد والفاسدين. 
نقول ذلك، بعد أن شهدنا بسعادة بالغة خبر صدور حكم قضائي- وفقا لما تداولته مواقع التواصل الاجتماعي قبل يومين - عن «سجن رئيس قسم في وزارة الصحة 5 سنوات وعزله من الوظيفة وإلزامه برد المبلغ المختلس 18 ألف دينار وتغريمه 36 ألف دينار»، وبالنظر سريعا للحكم فهذا الموظف اختلس فقط 18 الف دينار، فكانت العقوبة القاسية والمستحقة كالتالي: اولا سجنه خمس سنوات، وثانيا عزله من الوظيفة، وثالثا الزامه برد المبلغ المختلس، ورابعا بتغريمه ضعف قيمة المبلغ المختلس، مما يعني انها مجموعة عقوبات وليست عقوبة واحدة، ونرجو ألا يفهم من كلامنا هذا انه اعتراض على الحكم. بل على العكس تماما، فالأحكام القضائية تأتي انعكاسا لحجم الجريمة وفقا للأوراق الماثلة والمتوافرة في ملف القضية، واسقاطا لمواد القانون على افعال المذنبين،، وبالتالي فان كل انسان يتحمل تبعات افعاله . وما نريد ان نقوله : ان هذا الحكم المحمّل بمجموعة من العقوبات من المؤكد انه جاء بسبب تقديم وزارة الصحة ملف القضية وهو مكتمل ومليء بالأدلة والشواهد الدالة على الجريمة للنيابة العامة، بينما في قضايا اخرى كانت الاختلاسات والتجاوزات بمليارات ومئات ملايين الدنانير، ومع ذلك خرج المذنبون منها بلا إدانة، ويعود السبب إلى ذلك - بناء على أحكام سابقة- إما لعدم تقديم ادلة الاختلاس او التزوير او التجاوز كاملة، أو يوضع في الملف خطأ اجرائي متعمد ومدروس ومحكم ينسف القضية برمتها عند وصولها الى مراحلها النهائية، وعليه يصبح السارق حرا طليقاً. 
وإزاء ذلك، ومع اعتراف الحكومة في تصريحات متفرقة لها بوجود الفساد- وهو ما لم يعد سرا خافيا- ومع تفجر وافتضاح أمر العديد من قضايا الاختلاسات والتعديات على المال العام، نتساءل: كم من مختلس وسارق للمال العام يسرح ويمرح - سواء داخل البلاد أو خارجها - بلا حسيب ورقيب بسبب عدم الملاحقة الجدية لجرائمه؟ 
بل ان السؤال الأهم ومع الاعتراف الرسمي بوجود الفساد بمختلف الأشكال والأنواع : هل تجرؤ حكومتنا على إعداد كشف بقضايا الفساد التي تمت في العشر سنوات الماضية وتبين للناس بكل شفافية الى أين أضحى مصيرها؟ أنا اقولها الآن بملء الفم: هذا ما لا تجرؤون عليه، فلقد مرت علينا في العشر سنوات الماضية قضايا ضيع فيها المال العام بالمليارات، ولو تم التعامل معها كما تم التعامل مع قضية رئيس القسم بوزارة الصحة لأصبحت سجوننا ملأى بالحرامية، وحينها فقط سنكون سعداء ونحن ننسف المقولة الأشهر ان الكويت باتت «بلد الفساد بلا مفسدين» لنقول بدلا منها إن الكويت حالها حال الدول الأخرى، فيها فساد ولكن الفاسدون يقبعون في سجونها!

النهار - مقال يفرض نفسه

تعليقات

اكتب تعليقك