لولا المصائب المتبادلة بين البشر لفسدت الدنيا.. هكذا يعتقد صالح الشايجي

زاوية الكتاب

كتب 712 مشاهدات 0


الأنباء

بلا قناع  -  الشر مظلوم

صالح الشايجي

 

«مصائب قوم عند قوم فوائد» وعكسها صحيح أيضا إذا ما قلنا «فوائد قوم عند قوم مصائب».

في الأولى هناك من يستفيد من مصيبة حلت بغيره، وفي الثانية هناك من تصيبه مصيبة إذا ما حلت بغيره فائدة ونال جائزة أو كسب رزقا.

المحامي يستفيد من مصيبة الجاني ومصيبة المجني عليه اللذين حلّت بهما مصيبة.

والطبيب يستفيد من مصيبة ذي العلّة، والمعلّم يستفيد من مصيبة الجهل الواقع على الجاهل.

وهكذا فإن الدنيا مثلما هي قائمة على تبادل المنافع فهي أيضا قائمة على تبادل المصائب.

ولولا المصائب المتبادلة بين البشر لفسدت الدنيا واضمحلت الحياة وأغلقت بيوت كثيرة وجاعت بطون.

ولكن الطبيعة الإنسانية ترفض الاعتراف بأهمية المصائب.

فتسمع الطبيب يدعو بالصحة والعافية لجميع الناس، ولو تعافى هؤلاء الناس وصحت أبدانهم، فإنه سيكون أول المتضررين.

والمحامي يتمنى أن يسود الخير ويعم السلام بين البشر داعيا إلى أخوّتهم ومحبتهم لبعضهم.

ولكن تبقى كل تلك التمنيات والدعوات، مجرد مشاعر، وهي لا شك مشاعر صادقة ولكنها ليست عقلانية ولا منطقية ولا حتى واقعية.

والخير والشر عمادا الحياة ولولاهما لسقطت وهوت منذ أزمنة سحيقة.

وفُطر الإنسان على كراهية الشر ومعاقبة الشرير وإعلاء شأن الخير وقيمه والدعوة إليه بعكس الشر، رغم انهما ـ الخير والشر ـ قرينان وتوأما حياة، ويؤديان الدور نفسه في استمرارية الحياة وديمومتها.

وربّما التفت اليابانيّون إلى هذا الأمر وضرورة وجود الشر.

فقد قرأت مرة أن الجهات المعنية في اليابان فوجئت في سنة من السنوات بانخفاض معدل الجريمة في اليابان واعتبرت ذلك مؤشرا سلبيا راحت تبحث فيه للاستدلال على أسبابه من أجل معالجتها وتقويم الوضع وإصلاح المعوج.

وربما لذلك أيضا تهتم بعض الدول الأوروبية بسجونها ورفاهية السجناء، حتى أننا رأينا سجونا أوروبية تفوق برفاهيتها فنادق النجوم الخمس. 

فهي بمثل هذا الاهتمام برفاهية السجناء، كأنّما هي تقدّم لهم الشكر لأنهم أعلوا من شأن الشر لعدم الإخلال بأحد عنصري الحياة من أجل التوازن المطلوب لاستمرار الحياة.

وليس غريبا علينا ـ نحن البشر ـ أن نظلم الشر والأشرار جاحدين أفضاله وأفضالهم علينا.

الأنباء

تعليقات

اكتب تعليقك