أليس من المألوف أن يوصف المتظاهرون السلميون بأنهم حفنة من الغوغاء رغم حقوقهم المشروعة؟!.. وليد الرجيب متسائلا عن الأعداء

زاوية الكتاب

كتب 477 مشاهدات 0

ارشيف

أصبوحة- الأعداء
وليد الرجيب

في فيلم «البريء» يسأل الجندي أحمد زكي مسؤوله العسكري، عن العدد الكبير من المعتقلين في السجن الصحراوي: من هؤلاء؟ فيجيبه الأعلى رتبة: هؤلاء أعداء الوطن، وفي واقع الحال فإن المعتقلين كانوا من المعارضين السياسيين.
وفي فرنسا قابلت أحد المعارضين اليساريين، الذي قال لي: في بلد يدعي الحرية مثل فرنسا، تغرس في ذهن المواطن البسيط فكرة أعداء الوطن، وإن سألت: من هم الأعداء؟ يقولون لك: هم الشيوعيون والمسلمون والمغتربون، في نزعة فاشية بدأت تنتشر وتتعمق، وحتى بين أحزاب اليسار بل وداخل الحزب الواحد، يوصف المعارضون بأنهم منحرفون وخونة للفكر والمبدأ، فتخلق مع الوقت أجيال تكره أسماء وشخصيات معينة، دون اعتبار للديموقراطية والمبادئ التنظيمية، التي يجري خرقها باسم المصلحة العامة، وهذه أفضل بيئة للانتهازيين الذين طالما حذرنا منهم، ولذا نحن لا ننجح كيسار، لأننا ديغوليون أكثر من ديغول.
إذن مفهوم العدو ملتبس ونسبي، وكثيراً ما قدم مناضلون تضحيات عبر التاريخ، لأنهم وصفوا بأنهم أعداء الثورة، وذلك في سبيل الانفراد بالقرار، وتحقيق المصالح الذاتية الضيقة، وفي سبيل ذلك فإن الغاية تبرر الوسيلة، كالكذب وتشويه السمعة وكل ما هو لا أخلاقي، وبعيد عن الأخلاق الشيوعية، ويصاحب ذلك شعور الخوف عند القطيع من الذئب المفترض، ثم يموت الضمير وتسوغ الخيانة للمبدأ.
أليس من المألوف أن يوصف المتظاهرون السلميون، والعمال المضربون بأنهم حفنة من الغوغاء، ومخربون ومشاغبون؟ بينما هم مطالبون بحقوقهم المشروعة، وإن لم يفد ذلك تشوه سمعتهم، وإن لم يفد يعاقبون ويقمعون، والقطيع –على حد تعبير صاحبنا الفرنسي- سيصدق وينساق دون تفكير.
لكن الإنسان لا يدرك في كثير من الأحيان بأنه عدو نفسه، خاصة عندما يكون قصير النظر، وعندما يترك أثراً سلبياً لدى الآخرين، وعندما يفضل نفسه على المجموع، وعندما يملأ قلبه الحقد وحس الانتقام.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك