غياب الرؤية الاستراتيجية للدولة يهدر الطاقات البشرية الموجودة .. برأي مناور الراجحي

زاوية الكتاب

كتب 687 مشاهدات 0

د. مناور الراجحي

الراي

أرجوحة-  الكويت... إلى أين المسير؟

د. مناور الراجحي

 

الي أين تسير الكويت وما هو الاتجاه، وما هي الخطة المستقبلية؟ هذه الأسئلة واضحة المعنى، مبهمة الإجابة، لكنها في الوقت ذاته تمثل الحل للعديد من المشكلات التي تواجه الامة الكويتية.

فالشعوب كالأشخاص، ان لم تجد لها هدفاً ضاعت في الطرقات وتشتتت ما بين المشكلات، وأصبح سعي الافراد إلى تحقيق المنافع الشخصية على حساب الصالح العام وهو ما يفتح المجال واسعاً للفساد الإداري والمالي والرشاوى والمحسوبيات وغيرها من الامور التي تعكس أوجه الفساد في أي دولة، ومن هنا فقد أشرت في المقال السابق إلى أن غياب الهدف والرؤية هو السبب الأساسي في ما تشهده الكويت من ظواهر سلبية تمثلت في تراجع مكانتها في الترتيب العالمي للدول الأكثر فساداً في العالم، ناهيك عن تراجعها 13 نقطة منذ العام الماضي في ما يسمى بحرية الصحافة، حتى هذا الامر أصبح يتجه للمنافع الشخصية وليست المصلحة العامة.

وفي الجهة المقابلة، فإن غياب الرؤية الاستراتيجية للدولة يهدر الطاقات البشرية الموجودة، والقدرات الشبابية المتميزة، ومن ثم فإنها تبحث لنفسها عما يشغلها فلا تجد الا القضايا الخلافية التي تزيد من تفكك المجتمع وتعمق الصراعات ما بين أجزائه، وليس أكثر من الطائفية ضرراً على الشعوب، لأنها تهدم الثوابت الوطنية وتهدد التماسك المجتمعي، وتضرب مفاهيم الولاء وتعمل علي إحلال مصطلحات التخوين والطعن في الآخر، ومن هنا يتعثر الوطن في ظل غياب الهدف والرؤية الوطنية، ويتيه المواطنون في متاهات الفساد المحموم والطائفية البغيضة، ويمثل كلاهما الأرضية التي تنخر في جسم المجتمع.

نحن الآن نقترب من منتصف العام 2016، ولم تبق الا شهور معدودة على العام 2017، فأين هي الرؤية التي تصل بالكويت كي تكون مركزاً تجارياً عالمياً بحلول 2017؟، وماذا فعلت الحكومة لتحقيق هذه الرؤية الطموحة على أرض الواقع؟، ولماذا لم نعمل على تنفيذ أفكار ومقترحات وتطلعات القيادة السياسية من الاستعانة بالشباب، وان يكونوا هم الركيزة الأساسية في الخطة التنموية للدولة؟، وما الذي يعيق الحكومة من تحقيق التطلعات والآمال خصوصاً مع عدم وجود حجة الخلاف والصراع مع السلطة التشريعية؟ فكما نلاحظ ونرى ان الامور بين الحكومة والمجلس الحالي كالسمن على العسل، فما الحجة لتوقف وتعثر المشروعات، وما المشكلة التي تمنع الإنجاز؟

اعتقد ان الحكومة يجب ان تجيب عن العديد من الأسئلة المهمة التي تتعلق بمستقبل الكويت ورؤيتها الوطنية التي تستحقها لتحقيق الريادة الكويتية التي تتناسب مع مكانتها وإمكاناتها، وتتوافق وتترجم الخطة الطموحة إلى مشروعات واعمال حقيقية على ارض الواقع، والا فإننا سنستمر في متاهات الفساد الإداري الذي لا ينتهي وفي الصراعات الطائفية التي تتجدد مع كل مشكلة - صغيرة أو كبيرة تظهر على السطح.

انه الهدف والرؤية يا سادة، فلا الأشخاص ولا المجتمعات ولا الدول تستطيع العيش من دون تحديد المسار ورسم الاتجاه، والعمل على أن يعرف كل شخص دوره في المجتمع، ومن هنا تبدأ الخطوة الأولى في استثمار الطاقات البشرية الكويتية، وأن يكون للشباب الدور الفاعل في تحقيق الريادة الكويتية من جديد.

يجب أن ننظر إلى التاريخ ونعتبر من دروسه، فالريادة الكويتية في الخمسينات والستينات لم تتحقق بناءً على الموارد الطبيعية الموجودة في ارض الكويت، بل بسواعد الموارد البشرية من أبناء الكويت المخلصين، فكانت السباقة والمتميزة في مختلف المجالات، ولن تعود الكويت إلى سابق عهدها إلا بعودة الاستثمار البشري لمواهب وإبداعات وإمكانات أبنائها، فهم الثروة الحقيقية، وهم المصدر الأساسي لفخر الكويت وعزها... واعتقد أن الرسالة واضحة بما يكفي لتعييها أذنٌ واعية... اللهم قد بلغت... اللهم فاشهد.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك