كل عربي شاء أو أبى له نصيب من الدماء المسفوحة.. خالد الصالح متحدثا عن مجازر حلب

زاوية الكتاب

كتب 726 مشاهدات 0

د. خالد الصالح

الراي

من الخميس إلى الخميس-  حلب الشهباء... مَن القاتِلْ؟

د. خالد الصالح

 

ما يحدث في حلب اليوم هو نتيجة لما حدث في حماة منذ عقود طويلة، قالها الكواكبي في طبائع الاستبداد قبل أكثر من قرن من الزمان.

الجديد في الموضوع هذه المرة، أن القتل الجماعي ودفن الأحياء تحت الانقاض يحدث أمام العالم بالصوت والصورة.

معادلة الجريمة التي حدثت وتحدث في حلب هي معادلة بسيطة، هناك داعمون للجريمة وهناك مشاركون فيها وهناك قائمون عليها، العالم الذي لم يتحرّك هو داعم للقتلة، والعالم الإسلامي الذي يقف متفرجا هو شريك في الجريمة، أما أمة العرب حاملة رسالة الإسلام فهي قائمة ومنفذة للجريمة.

نعم دولنا العربية جميعها قَتَلت حلب بصورة مباشرة، لم تُساند القتلة ولم تُشارك بالقتل بل نفذت الجريمة النكراء.

كل عربي شاء أو أبى له نصيب من الدماء المسفوحة على تراب حلب الشهباء، قادتنا يخافون ويحسبون الحسابات، وشعبنا يخاف وأيضاً يحسب الحسابات وبين الخوف وحسابات المصالح ماتت حلب، ولأننا جزء من حلب وحلب جزء منا لا يحق لنا الصمت ولا التردد، فالصمت والتردد في مثل تلك المواقف ومثل هذه القربى ليس دعماً للقاتل ولا مشاركة معه بل تنفيذاً مباشراً للجريمة.

هل تَرون الإنسان وهو يرفع السلاح ليقتل نفسه، هل يدُهُ التي أطلقت النار ودماغهُ الذي سمح لليدِ أن تعمل وقلبهُ الذي قسى حتى تحجّر، هل تلك الأعضاء ساندت أو شاركت، لا إنها نفذت الجريمة، نعم هي أعضاء قاتلة كما نحن كلنا قتلة في حق حلب وشعبها.

حين ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلا في المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم شبههم بالجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعت له بقية الأعضاء بالسهر والحُمّى، فإذا تخلت عن الجسد أعضاؤه ولم تسانده مات هذا الجسد، فكانت تلك الأعضاء سببا في موت الإنسان ومنفذة للجريمة.

ومَـا لِـمَا حَلَّ بالإسلام سُلْــوَانُ ولِـلْحَوَادِثِ سُلْوانٌ يُسَهِّـلُهـــا

هَوَى له أحُـدٌ و انْهَدَّ ثَـهْـــلاَنُ دَهَـى الجـزيـرةَ أَمـرٌ لا عزاءَ له

لم يعرف تاريخ العرب وصمة عار طالتهم أجمعين كما يحدث اليوم، عارٌ تعدّى محنة التتار التي قُتل فيها عشرات الألوف من دون أن يعرف بقية العرب ما يدور في بغداد وتتجاوز محنة الأندلس التي لم يصل فيها صوت الرندي، وهو يقول:

لا لم يصل صوته إلا لقلة من العرب...

أما اليوم فكلنا يرى ويسمع، كلنا شهود على جريمة العصور، لكن قادتنا لا يحركون ساكنا وشعوبنا تغلي من دون توجيه، كلمات الصدق أضحت انفعالاً والحقيقة وُضعت في ميزان السياسة، والعقل يعني أن يتكلم العاقلون ليمتصوا حماس الشعوب حتى تنتهي حلب وتُعاد الكرّة في مكان آخر، محنة بعدها صحوة الأمة إن شاء الله.

 

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك