البيان الفضيحة

زاوية الكتاب

هل أصبحت جمعية المحامين هيئة تتبع الحكومة وتأتمر بأمرها؟!.. يتسائل زايد الزيد

كتب 2745 مشاهدات 0


النهار

الخلاصة- البيان الفضيحة

زايد الزيد

جاء بيان جمعية المحامين الكويتية أخيراً بشأن مشروع قانون انشاء مجلس الدولة ليمثل فضيحة بكل المقاييس وبكل ما يحتويه المفهوم من معنى، والحقيقة أن ما احتواه بيانها الأخير - بغض النظر عن الاتفاق او الاختلاف مع مشروع قانون مجلس الدولة- بما فيه من وصف الجمعية للآراء الناقدة للمشروع «بالنقد الهدام»، وبأن ساحات الصحافة ليست مجالاً للحديث عن مشروعات القوانين وتداول الرأي فيها، وأن البرلمان «وحده» هو المكان المخصص لمناقشتها، يعد فضيحة من العيار الثقيل، وسقطة غير مسبوقة، فضلا عن انه يعبر عن جهل عميق بالقانون والسياسة والمنطق وبالمبادئ العامة، فلا يمكن ان يتصور عاقل ان تقول جمعية تدعي أنها تمثل واحدة من أرفع النخب مستوى في المجتمع، ومن أهم المهن فيه، بأن مناقشة مشاريع القوانين مكانها الوحيد تحت قبة البرلمان، فكيف لجمعية محامين تصادر حق المواطنين والصحافة التي تعد السلطة الرابعة وتعبر عن المجتمع ومن خلالها يتشكل الرأي العام تجاه أي قضية أو فكرة أو مشروع؟ وان كانت لا تعلم جمعية المحامين أبجديات عمل الصحافة الحرة فهذه مصيبة، وان كانت تعلم فالمصيبة أعظم! وفي الوقت الذي يفترض به ان تمارس جمعية المحامين دورا بناءً في الدفاع عن الحريات والرأي والرأي الآخر، فانها بدلا من ذلك وضعت نفسها بمنزلة «شرطي» أو«رقيب» تجاه من يكتب أو ينتقد القوانين أومشروعاتها، فهل أصبحت جمعية المحامين هيئة تتبع الحكومة وتأتمر بأمرها؟ أم انها تعتبر دورها هو حماية الحكومة والدفاع عنها؟

ولكن، يبدو ان جمعية المحامين «نسيت» أو «تناست» او انها «لاتعلم» دور الصحافة في القضايا العامة، وأن بأنها تمثل نبض وروح الشارع السياسي والمدني، ولابأس هنا من أن نعود قليلا للتاريخ القريب لانه ربما ان اعضاء مجلس ادارة جمعية المحامين لايتذكرون بعضا من احداثه أو ربما انهم لايعرفونها اصلا، فهل «نسيت» أو «تناست» جمعية المحامين او انها «لاتعلم» ان مشروع تنقيح الدستور تم اسقاطه في مجلس 1981 من خلال الصحافة والرأي العام على الرغم من ان البرلمان كان يتجه نحو تمريره لولا انه اصطدم بالمعارضة الشرسة التي تشكلت خارج البرلمان من جانب الصحافة والرأي العام المضاد لمشروع التنقيح، فكانت النتيجة ان الرأي المعارض لتنقيح الدستور الذي تشكل خارج البرلمان تفوق على الرأي المساند للتنقيح الذي تشكل «تحت قبة البرلمان» وبالتالي تم اسقاط المقترح؟ وهل «نسيت» أو «تناست» جمعية المحامين أو انها «لاتعلم» ان مشروع تعديل قانون الانتخاب الذي أتى بنظام الخمس دوائر وأربعة اصوات والذي جاء من خلال الحملة الشعبية «نبيها خمس» خرج من بنات افكار الشباب الكويتي المبدع فتشكل الرأي العام المحلي، متبنيا له وساندته الصحافة وبالتالي تم فرضه على البرلمان؟ هذان فقط مثالان عن دور الصحافة والرأي العام، وهما غيض من فيض واسع لا ينتهي من مشاريع وقوانين  كان للصحافة والصحافيين والكتاب والرأي العام برمته شرف فرضها اواسقاطها، فكيف تأتي اليوم جمعية المحامين بهذا الطرح الذي ينم عن جهلها بابجديات الصحافة والقانون والمنطق والسياسة، من خلال اعتبارها الحديث عن مشروع قانون مجلس الدولة، بمنزلة نقد هدام، فأي تخبط تعيشه الجمعية؟!.

والحقيقة، أن التخبط في بيان جمعية المحامين، لم يقف عند هذا الحد، فان كان بيانها يرمي الى تأييد مشروع قانون انشاء مجلس الدولة، فهذا حق لها، ولكن هذا الحق مقيد باتساقه مع مبادئ دستور 1962، لذلك كان معيبا بحق المحامين وبحق قدسية المهنة  ان تنبري الجمعية للدفاع عن المشروع من دون ان تتحفظ على الأقل على الحظر الوارد فيه بعدم نظر قضايا الجنسية،  فان كانت جمعية المحامين حريصة كل الحرص على حقوق المتخاصمين قضائيا - أو هكذا نفترض - كان الأجدر بها ان يكون بيانها الحث والسعي على تضمين مادة بوجوب النظر بمسائل الجنسية، وليس صياغة بيان يضع جل همه الوقوف ضد حرية الرأي والصحافة وما تنشره، فقضايا مسائل الجنسية أصبحت في الآونة الآخيرة سلاح يحارب به أصحاب الرأي والمواقف السياسية التي تغرد خارج سرب السلطة، وبالتالي من حق كل من يعتقد ان الظلم قد طاله من اجراءات سحب الجنسية ان يُمكنّ من التقاضي في محراب القضاء.

حقيقة، يمكن ان يقال الكثير والكثير بحق جمعية المحامين بسبب بيانها الفضيحة، ولكن نكتفي بهذا القدر فغيرنا اسهب في تبيان سوأته..

النهار

تعليقات

اكتب تعليقك