الأسوأ من الفاسد هو من يُبرر فساده!.. بقلم خالد الجنفاوي

زاوية الكتاب

كتب 624 مشاهدات 0


السياسة

حوارات- الأسوأ من الفاسد هو من يُبرر فساده!

د. خالد الجنفاوي

 

«يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ») النحل (111 ).

يزيد الفساد في أي بيئة إنسانية لم يتطور فيها وبشكل مناسب ثقافة التحمل الكامل للمسؤولية الفردية عن السلوكيات والتصرفات الشخصية (Culpability) فكلما ارتفع مستوى شعور أغلبية أعضاء المجتمع بمسؤوليتهم عن أقوالهم وتصرفاتهم كلما زاد مستوى إدراكهم ان ما يُقدمون عليه من عمل سيتحملون هم أنفسهم كأفراد أحرار ومستقلين توابعه ونتائجه السلبية والايجابية، ومن هذا المنطلق، سيُصبحُ منطقياً ربط ظاهرة انتشار الفساد بارتفاع أو انخفاض مستوى الاحساس بالمسؤولية الفردية في المجتمع، فالبعض القليل جداً من يبرر مشاركته في الفساد أو الاستفادة غير المباشرة منه ربما سيجادل بأنّ الآخرين ربما يفعلون الأمر نفسه (الفساد) فلماذا أكون أنا استثناءً، أو هكذا يقول لسان حال من يسوغ الفساد!

وبالطبع، يصعب على هكذا أشخاص يبررون الفساد بانتشاره المزعوم الموازنة بين مسؤولياتهم الفردية ومسؤولياتهم الاجتماعية، فيظن البعض أن انتمائهم لبيئة يستشري فيها الفساد يبدو تبريراً كافياً لمزيد من الانغماس فيه، ولكن الإنسان السوي سيبقى دائماً قدوة أخلاقية لغيره وسيبقى الفاسد نقطة سوداء في ذاكرة المجتمع، وسيأتي عليه يوم يندم فيه على فساده، يوم لا ينفع الندم. الأسوأ من الفاسد ليس فقط من يبرر الفساد لأنه يريد الاستفادة منه ولكن كل من لا يبالي حول ما تتطلبه مسؤولياته الأخلاقية من رفض قاطع للفساد بكل أشكاله وأنواعه، فأقل ما يتطلب لمكافحة الفساد هو رفضه باللسان أو على الأقل بالقلب. فالإنسان المستقيم أخلاقياً يضل مستقيماً مهما تعرض لإغراءات متعددة ومهما تعرض لمضايقات بهدف حثه على المشاركة في الفساد.

انتشار الفساد لا يبرر الانغماس فيه، حيث يتحمل الإنسان السوي كامل مسؤولياته الأخلاقية تجاه ما يقوم به. ولا يمكن تسويغ الانغماس في الفساد لأنّ الإنسان السوي والعاقل مسؤول عن نفسه، وليس مجبراً على اتباع سلوكيات سلبية يمارسها آخرون، وليس من المفترض أن ينظر إلى نفسه وكأنه مجبر على إتباع سلوكيات سلبية فقط لأن أغلبية الآخرين يمارسونها.

ليس من المنطق أيضاً تبرير تداول الفساد أو الانغماس فيه بحجة أنّه أصبح ظاهرة شبه مقبولة لدى نفر معين، فالفساد يُفسد القلب والروح ويميتهما قبل أن يُحَوِّل من يزاوله إلى شخص كاره لنفسه لا يرى في المرآة سوى ما يكرهه ويمقته ويحتقره.

 

السياسة

تعليقات

اكتب تعليقك