لماذا التصريح في الوقت الذي لا يتحقق أي شيء؟ .. يعقوب الشراح متسائلا عن الوعود الضائعة

زاوية الكتاب

كتب 543 مشاهدات 0

د. يعقوب الشراح

الراي

صدى الكلمة- الوعود الضائعة

د. يعقوب الشراح

 

يكرر الوزراء التصريحات عن اتجاهاتهم ودوافعهم في معالجة مشكلات الأجهزة الحكومية، لكن بتقدم الزمن لا يعايش المواطن نتائج هذه التصريحات أو الأفكار الموجهة نحو الإصلاح أمام تزايد حجم المشكلات في الأجهزة الحكومية، ما يوحي بأن الكلام غير الفعل، وأن النوايا تجاه الإصلاح ليست بحجم التصريحات، والوعود المتكررة. ولو لم يكن الواقع كذلك، لما عانى المواطن من أمور كثيرة كالخلل في الإدارة والأداء، واستغلال الوظيفة في الرشى والفساد، وتعطل المصالح.

ونتساءل مثل غيرنا، لماذا التصريح في الوقت الذي لا يتحقق أي شيء؟ ولماذا الإصرار على الوعود بينما الإرادة أو العزيمة غير متوافرتين؟ إن الاستدلال على الوعود الضائعة والتصريحات الفارغة ليس بالأمر الصعب، خصوصاً أن الكثير من التصريحات الوزارية تتكرر يومياً على صفحات الجرائد، ويتابعها القارئ، ولا يجد لها صدى أو تطبيقاً في تغيير الأوضاع إلى الأفضل.

والناس وأن كانت تطالب بالتغيير إلى الأفضل والعزم على التنفيذ من دون تردد، فإنها تدرك ضعف أداء بعض الوزراء، وعدم جديتهم في الإصلاحات لأسباب سياسية أو لتهديدات نيابية تتعارض مع التوجهات والسياسات. فقد أصبح الاستجواب «بعبعاً» يخاف منه البعض، بينما الاستجواب في إطاره الدستوري ظاهرة حضارية تصب في المصالح العليا للدولة.

الحكومات في الدول الناهضة تعمل بهدوء، والناس لا تسمع شيئاً عنها، لكنها تعايش تقدماً هائلاً في شتى المجالات التي ترفع من مستوى المعيشة. هذه الحكومات تعمل بمبدأ الأداء والإنجاز وليس التصريح، لاسيما وأن الوزير محاسب أمام الأجهزة التشريعية والرقابية، عن الكسل والإهمال والفساد وحتى عن كلامه ووعوده مقابل ما يجب أن يتحقق على أرض الواقع من تقدم، بل إن ظاهرة الخلل في الأداء غير واردة أساساً لدى هذه الحكومات لأن اختيار القادة يعتمد على معايير الكفاية والمهارة والإخلاص في العمل.

إن الأمثلة على ضعف الأداء مقارنة بالتصريحات والوعود كثيرة، وتكاد تلمس معظم أجهزتنا الحكومية. فقد نشرت الصحافة منذ فترة قريبة عن الوعود التي أطلقها وزير التربية، ولم ينفذ منها ما يمكن وصفه بالإنجاز الحقيقي، عندما وعد الناس بإصلاحات في المناهج، واحتمال العودة إلى نظام المقررات الثانوي، ووضع نظام لمنع تزوير الشهادات الجامعية، ومحاسبة المدارس الخاصة التي رفعت رسوم الدراسة، ومكافحة الفساد الإداري والمالي، ووقف التطرف الفكري لدى بعض أساتذة الجامعة، ومعالجة الخلل في التعليم التطبيقي، وغيرها. هذه الوعود وغيرها عندما لا ينفذ شيئاً منها فإنها تتلاشى كالهواء. والغريب أن بعض هذه التصريحات من الناحية العملية هي في حكم الاستحالة، كالقول إن تدريس العلوم والرياضيات في التعليم العام سيكون باللغة الإنكليزية، أو خصخصة الإدارات المدرسية، وغيرها.

الوعود الوزارية لا تتوقف على التربية أو الجامعة، وإنما هي ظاهرة سائدة في غالبية الأجهزة الحكومية، ولابد من مراجعة الدوافع والأسباب، ومعوقات التنفيذ. فلن تتمكن الأجهزة الحكومية من التفرغ للعمل، وهي منشغلة بالكلام والشعارات الإعلامية. نتمنى تفعيل الدور الرقابي للمجلس النيابي بإلزام الوزير تنفيذ الإصلاحات الآنية والبعيدة المدى من خلال المحاسبة على الخطة السنوية لكل وزارة، وعلى أساس ما يتم فعلياً وليس على أساس الوعود والتصريحات التي لا مصداقية لها على أرض الواقع.

 

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك