المحامي الحميدي السبيعي يفند تعديل قانون الإنتخاب

محليات وبرلمان

دراسة قانونية: ما تم يمثل قمة الإنحراف التشريعي للسلطة التشريعية

3942 مشاهدات 0


بمناسبة قيام مجلس الأمة بجلسته المنعقدة يوم الأربعاء الموافق 22-6-2016 بإضافة نص للمادة الثانية من القانون رقم 35 لسنة 1962 في شأن إنتخابات أعضاء مجلس الأمة والتي تحرم من الإنتخاب كل من أدين بحكم نهائي في جريمة المساس بـ :

 أ-الذات الإلهية
 ب- الأنبياء
 ج-الذات الأميرية
 
كثر اللغط والقول حول هذا التعديل فهل المقصود منع أشخاص بعينهم من حق الإنتخاب أم هي ضرورة ملحة ؟ وهل سيطبق ذلك التعديل بأثر رجعي أم لا ؟ وغيرها من التساؤلات وخاصة بعد تصريح الشيخ محمد العبدالله والذي أكد بتصريحه المخاوف من تطبيقه بأثر رجعي وإن كان قد إستخدم مفردات عامة عندما قال كل من نجد بصحيفة سوابقه إدانة عن جرائم الذات الإلهية أو الأنبياء أو الذات الأميرية سيحرم من حق الإنتخاب والترشح مفسحاً المجال بتطبيق ذلك القانون بأثر رجعي  ، وللرد على تلك التساؤلات نوضح بأن طالب سنة أولى بكلية الحقوق أول درس يتعلمه هو تعريف القاعدة القانونية والتي هي ' كل قاعدة ملزمة تنظم سلوك الأفراد الخارجي في المجتمع ' وبالتالي فإن أحد أهم خصائصها ' العمومية والتجريد ' بمعنى أن القوانين عند تشريعها يجب أن تخاطب العموم لا أن تكون موجهة ومفصلة لتطبيقها على حالات فردية محددة بذاتها وبخاصة إذا تضمنت آثاراً رجعية جزائية وإلا عد ذلك إنحرافاً تشريعياً للسلطة التشريعية وأول من نادى بفكرة الإنحراف التشريعي للسلطة التشريعية هو العلامة الدكتور عبدالرزاق السنهوري في بحثه ( مخالفة التشريع للدستور والإنحراف في إستعمال السلطة التشريعية ) وقد قاس الفقيه السنهوري فكرة الإنحراف التشريعي للسلطة التشريعية على غرار الإنحراف الإداري للسلطة التنفيذية فالمشرع يجب أن يستعمل سلطته التشريعية لتحقيق الصالح العام ولا ينحرف عنها وإلا كان التشريع باطلاً جديراً بالإلغاء ونحن نرى بأن هذا التعديل تتضح فيه قمة الإنحراف التشريعي لعمل السلطة التشريعية  بل يعتبر قانوناً للعزل السياسي للمعارضين والمنافسين لأعضاء مجلس الأمة الحالي فهو لا يخاطب إلا أشخاصاً بعينهم ليلاحقهم وذلك من خلال النظر لتوقيت صدوره وتزامنه مع الظروف السياسية والمحاكمات القضائية التي يتعرض لها خصوم أعضاء البرلمان الحالي ونوجز ملاحظاتنا بالآتي :
 
 1- قانون بهذا الحجم والأهمية والخطورة وتأثيره الكبير على مجرى الانتخابات البرلمانية القادمة بل وتحديد شكل رئاسة البرلمان القادمة لم يأخذ حقه ولا كفايته في المناقشة فخلال 48 ساعة تمت موافقة اللجنة التشريعية وموافقة لجنة الداخلية والدفاع  والتصويت عليه بالمداولة الأولى والثانية .
 
 2- الحرمان من الإنتخاب يعني بالضرورة الحرمان من الترشح لكل من ينطبق عليه النص .
 
 3- لا يمكن بأي حال من الأحوال تطبيق ذلك القانون بأثر رجعي حتى لو حاولوا ذلك ، فالمادة 179 من الدستور نصت على الآتي ' لاتسري أحكام القوانين إلا على مايقع من تاريخ العمل بها ، ولايترتب عليها أثر فيما وقع قبل هذا التاريخ ، ويجوز في غير المواد الجزائية ، النص في القانون على خلاف ذلك بموافقة أغلبية الأعضاء الذين يتألف منهم مجلس الأمة ' ومفاد ذلك عدم جواز تطبيق رجعية القوانين ، بل سريانها من تاريخ العمل فيها فقط وإستثناء من ذلك يجوز في غير المواد الجزائية تطبيق الأثر الرجعي للقوانين بشرطين  الأول أن ينص صراحة في القانون على الأثر الرجعي لسريانه ( وهذا مالم يحصل ) والثاني توافر أغلبية خاصة وهي أغلبية الأعضاء الذين يتألف منهم مجلس الأمه وليس أغلبية الحضور فقط .
 
4- حرم النص المدانين بحكم ' نهائي ' وليس ' باتاً ' من حق الإنتخاب وهناك فرق كبير بينهم فالحكم النهائي هو الصادر من محكمة الإستئناف والحكم البات هو الصادر من محكمة التمييز وبالتالي فإن هذه الفقرة غير دستورية لكونها تحرم الناخب من حق الإنتخاب قبل إستنفاذه  لجميع درجات التقاضي كما نص عليه الدستور في المادتين 34 و166  فمثلاً لو قدر الله وتم تأييد حكم الإستئناف على المتهمين بقضية مايسمى بترديد الخطاب سيكون مصيرهم الحرمان من الإنتخاب والترشح وفقاً لذلك النص ودون إنتظار لماستؤول إليه محاكمتهم أمام محكمة التمييز فيما لو صدر مرسوم الدعوة للإنتخاب قبل الفصل بالتمييز ، وهذا الأمر خطير للغاية فهو يهدد إستقرار الأحكام القضائية وتوفير المحاكمات العادلة ويخل بالنهاية  بالعملية الإنتخابية برمتها ، ممايجعل ذلك النص غير دستوري وواجب الإلغاء .
 
 5- لوحظ بأن التعديل والإضافة على المادة الثانية من قانون الإنتخاب قد حرمت الناخب عند إرتكابه لتلك الجرائم من حق الإنتخاب دون إضافة فقرة ' مالم يرد إليه إعتباره ' كما هي موجوده في القانون القديم ، فلا يوجد أي نص بأي قانون وبأي دولة كانت يحرم شخصاً ما من ممارسة حقوقه بشكل دائم فمتى مارد إليه الإعتبار المحدد وفقاً للقانون يُمكَنْ من ممارسة حقوقه، فقانون الأجراءات الجزائية رتب في مواده   244 و 245  ومابعدها طريقة رد الإعتبار سواءً القانوني أو القضائي للأشخاص ، ولكن هذا النص حرم الناخب بشكل دائم وبالمخالفة لنصوص الدستور وروحه ، مما يعرضه للبطلان الأكيد لعدم دستوريته الواضحه ، ولدي قناعة بأن هذا الإغفال لا يمكن أن يمر مرور الكرام على مرفق يزخر بالمستشارين القانونيين بهذه البساطة وتلك السذاجة  .
 
 6- أخيرا فنوضح بأن الجداول الإنتخابية تتحصن إذا لم يُطعَنْ عليها قبل 20-4 وبالتالي فإن السلطة ملزمة بنشر أسماء من يحرم من ممارسة  حق الإنتخاب من خلال تعليق أسماؤهم إبتداء من 1مارس وحتى 15 مارس ليتسنى لهم ولذوي الشأن الطعن على ذلك القرار لا أن يعلق مصيرهم ويفاجأوا بإستبعادهم أثناء عملية الترشيح .
كتب: المحامي الحميدي السبيعي

تعليقات

اكتب تعليقك