'القانون الأضحوكة ' يمثل إهانة كبيرة ليس فقط لمجلس الأمة للكويت كبلد.. هكذا يرى حسن جوهر

زاوية الكتاب

كتب 654 مشاهدات 0

د. حسن جوهر

الجريدة

زوايا ورؤى- نائب يساوي مجلساً؟!

د. حسن جوهر

كررنا مراراً من خلال هذه الزاوية أننا نتوقع الأسوأ دائماً من مجلس الأمة الحالي، سواءً ما يتعلق بمستوى الخطاب أو القدرة على الأداء أو حفظ سمعة البرلمان وهيبته أمام الحكومة وأمام الشعب، وانتهاءً بالفساد التشريعي وتحويل السلطة التشريعية برمتها إلى ساحة للانتقام السياسي والفجور في الخصومة، ولكننا رغم كل هذا الانطباع السلبي نفاجأ بالقرارات التي يبتدعها نواب 2013، وآخرها قانون الحرمان السياسي وسلب حق الترشح والانتخاب الذي فصّل بشكل متعمد وواضح ضد رموز العمل السياسي في الكويت، وفي مقدمتهم النائب السابق مسلم البراك!

القانون 'البدعة' الأخير ورغم مثالبه الدستورية والتشريعية وبطلانه بسهولة من قبل المحكمة الدستورية إذا ما صدر بشكل رسمي، لا يعكس سوى حالة الرعب التي سلبت عقول الغالبية من نواب 2013 من شخصية كويتية، والانهيار النفسي أمام احتمالات عودتها إلى الساحة البرلمانية مستقبلاً، وكأن لسان حال مجلس الأمة يقول إن نائباً سابقاً يوازي في ثقله ووزنه عدد الأعضاء الذين صوتوا بهذه السرعة على قانون قدم خلال 48 ساعة فقط، فعبر القنوات التشريعية بسرعة البرق.

القانون الأضحوكة يمثل إهانة كبيرة ليس فقط لمجلس الأمة وتاريخه، إنما للكويت كبلد وتراث ومؤسسات، ويتمثل ذلك بكون من تقدم بالاقتراح تدور عليه شبهات تتعلق بالجنسية الكويتية، وإذا به يُمكّن من تحديد من يشارك في الانتخابات العامة من أبناء هذا البلد ومؤسسيه ورجالاته الذين ساهموا في بناء الكويت وإقامة مؤسساته بما فيها مجلس الأمة نفسه، حيث إن من المستهدفين بمثل هذا المقترح النائب السابق محمد الصقر الذي تولى عمه المرحوم عبدالعزيز الصقر رئاسة أول مجلس أمة عام 1963، وترك هذه الزعامة التاريخية احتجاجاً على مشروع قانون قدم من الحكومة عام 1965 للتضييق على الحريات العامة، وفرض القيود على الصحافة وجمعيات النفع العام، وشتان ما بين الموقفين، وهزلت السياسة التي باتت تتحكم فيها هذه النماذج الجديدة من نواب الأمة!

قد نختلف جميعاً في المواقف السياسية، وقد يصل هذا الاختلاف إلى العظم، وقد لا نرضى من بعض الآراء والأطروحات، وقد يحاسبنا القانون على بعض المواقف في حالة انتهاكها، وفي ذات الوقت قد نلتقي حول بعض الثوابت الوطنية والمكتسبات الشعبية المشتركة، لكن أن تتحول مثل هذه الاختلافات إلى سلاح للانتقام السياسي فهذا ليس من فراسة الشجعان أو سلوكيات الرجال، فما بالك بمستوى أناس اؤتمنوا على مؤسسة دستورية ملكيتها للأمة ومرجعيتها للشعب؟!

أما بعض الردود السخيفة التي قد تبرّر تقديم وإقرار قوانين الانتقام السياسي بما فعله بعض النواب السابقين في قانون إعدام المسيء على سبيل المثال، فالرد عليها يكون دون أدنى صعوبة، فقد انتقدنا تلك الممارسات حينها بالقساوة نفسها التي ننتقد فيها قانون البدعة الأخير، إضافة إلى ذلك فإن القوانين الانتقامية الجديدة تضع مقدميها والمصوتين عليها بنفس مستوى من سبقهم بتلك التشريعات السيئة، ولم يعد ما يقدمه لنا نواب 2013 يثبت أنهم الأفضل أو الأكثر رقياً على الإطلاق.

كان يفترض بأنصار قانون الحرمان السياسي لرموز العمل الديمقراطي أن يصنعوا تمثالاً لخصومهم السابقين يتوجهون له بالشكر والعرفان لقرار مقاطعتهم الانتخابات الأخيرة لأنهم ساعدوهم في الوصول إلى مقاعد البرلمان، وإلا لم يكونوا ليشموا حتى رائحة تلك الكراسي الخضراء!

الجريدة

تعليقات

اكتب تعليقك