ربما تكون القارة باكملها عرضة للتفكك..خالد السعد يتحدث عن خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروربي

زاوية الكتاب

كتب 442 مشاهدات 0

ارشيفية

السياسة

من وحي الناس- هل انتهى الحلم الأوروبي؟

خالد السعد

 

لقد ولدت ، وكبرت في أذهان الاوروبيين فكرة الجنة داخل قلعة قوية التحصين ضد كل من الرأسمالية المتطرفة في وحشيتها، وفروقاتها الطبقية والاشتراكية المغالية في مساواتها الاجتماعية، والحركة البينية النازعة الى رفض فكرة التقدم الطوباوي، انه اشبه بالحلم، وقد حقق معدلات نمو اقتصادي مقبول في بداية الاتحاد، وساعات عمل اقل، وضمانات صحية، واجتماعية، وتعليمية وديمقراطيات مستقرة، ورفض أحكام الاعدام ولكن كما هي حال كل الاحلام تبخرت هذه الاحلام كفقاعات الصابون، فاستفاق الاوروبيون على واقع مختلف، وعلى حقيقة ان الرأسمالية دائمة الغليان، وهي تمقت الاستقرار وتختنق ان لم تكبر، وتتوسع، كما استفاقوا ايضا على ان ذلك الاستقرار كان وهما، اذ تم تمويله بالديون الضخمة، وكان لابد في يوم ما ان تستحق هذه الديون دفعة واحدة.

بداية الحلم والانتقال الى كابوس كانت اليونان تعاني ثم تمدد هذا الكابوس الى اسبانيا، والبرتغال، وارلندا حتى الدول الاربع الكبرى، التي تشكل نواة الاتحاد الاوروبي وهي المانيا وفرنسا، وبريطانيا، وايطاليا، اذ بلغت الديون العامة لايطاليا 115 في المئة من ناتجها المحلي وفي بريطانيا بلغ عجز الموازنة 12 في المئة من الناتج المحلي وهو الاضخم في اوروبا وعجز الحكومة الفرنسية من تحقيق موازنة متوازنة منذ اكثر من ثلاثين عاما والمانيا لا تزال تتعارك مع نفسها لموازنة اقتصاداتها على الرغم من انها ثالث اقوى اقتصاد في العالم، اما دول اوروبا الشرقية، فحدث ولا حرج عن الحياة الاقتصادية التعيسة التي مازالت تتخبط منذ اكثر من عقد من الزمن، فهذه المعطيات الاقتصادية الخطرة كان لابد ان تترجم نفسها في نهاية المطاف تعابير سياسية، وهذا ما حدث بالفعل، فقد اندلعت حرب حقيقية بين الشعبين اليوناني، والالماني حول اموال الانقاذ اللازمة لاثينا حيث احتج الالمان على دعم اليونان على حساب رفاهيتهم وغضب اليونانيون على فقدان السيادة والكرامة الوطنية على يد الألمان، منذ قيام الاتحاد الاوروبي في أول الخمسينيات من القرن العشرين، بعدما قامت حربان عالميتان بيد ان هذه الحروب في اوروبا لم تتوقف عند حدود النزاعات بين الدول، بل ستتمدد الى داخل هذه الدول نفسها في اسبانيا، وبريطانيا فبعد الزلزال الذي احدثه الاستفتاء البريطاني على الخروج من الاتحاد الاورو بي دخلت بريطانيا وبعض الدول الاوروبية في ازمات عنيفة غير مسبوقة ربما تذهب بوحدة بريطانيا حسبما كان يردده، «ديغول» قبل خمسين عاما حين رفض بشدة دخول بريطانيا السوق الاوروبية المشتركة لقناعته بأن دخولها للسوق سيفجر القارة الاوروبية لان المملكة المتحدة تملك كراهية متجذرة للكيانات الاوروبية، وكانت الولايات المتحدة تخشى اندلاع حرب عالمية بين تلك القوى وبرعايتها ايجاد ذراع عسكرية هي حلف الناتو قبل ان يضم 28 دولة وتحت مظلة اقتصادية، وسياسية تمثلت في السوق الاوروبية المشتركة، ولكن التحولات العالمية، والمصالح المتناقضة فرضت منطقا آخر وقرارات جديدة، وهو ما ادى الى الزلزال الكبير في بريطانيا واطاح بتجيير العلاقات الاوروبية، وقد لا يقف الزلزال الكبير عند انسحاب دولة او تفكك اخرى، وانما يعود اثره على ذلك الحلم الاوروبي، وتصبح القارة العجوز تودع ذلك الحلم، وربما تكون القارة باكملها عرضة للتفكك سياسيا، واقتصاديا، وعسكريا،

 

السياسة

تعليقات

اكتب تعليقك