من حق الحكومة التركية اللجوء الى إجراءات استثنائية ضد الانقلابيين.. كما يرى ناصر المطيري

زاوية الكتاب

كتب 348 مشاهدات 0

ناصر المطيري

النهار

خارج التغطية-الانقلاب المضاد

ناصر المطيري

 

طبيعة الانقلاب في تركيا تختلف عن الانقلابات الأخرى، فهذا الانقلاب لم تقم به مجموعات من الجيش فقط، بل كان هناك كيان مواز متغلغل في التعليم والقضاء والإعلام والاقتصاد والجيش والشرطة وجميع أجهزة ومؤسسات الدولة وهناك حرب معلنة عليه من جانب الحكومة التركية منذ عام 2013 وقد اتخذت ضده إجراءات عدة اُتهم بسببها الرئيس أردوغان بالديكتاتورية، ولكن هذه الإجراءات لم تصل الى منتهاها لأسباب عديدة بعضها قانوني وبعضها يتعلق بطبيعة الجيش التركي، لكن من المؤكد أن هناك قوائم بأسماء أعضاء التنظيم وهذا ما يفسر سر اتخاذ إجراءات سريعة وفورية ضده.

وإن الإجراءات الاحترازية وعملية التطهير الواسعة والجذرية لأجهزة ومؤسسات الدولة والضرب على يد الانقلابيين إجراءات طبيعية تعقب أي انقلاب، وهي بمنزلة انقلاب مضاد على القواعد المتورطة في دعم المحاولة الانقلابية الفاشلة.

وقد شرعت جميع دساتير العالم اللجوء لإعلان حالة الطوارئ في مثل هذه الحالة لمواجهة الأخطار وحماية الوطن والديموقراطية التي كان سيجهز عليها الانقلاب، وقد سارعت فرنسا في نوفمبر الماضى الى إعلان حالة الطوارئ بعد اعتداءات باريس وقد قامت منذ أيام بمدها لمدة ستة أشهر أخرى .

وإذا كان من حق الحكومة التركية اللجوء الى إجراءات استثنائية ضد الانقلابيين، فإن عليها بالمقابل أن توازن بين الإجرات الاستثنائية الضرورية ومراعاة الحريات العامة، وأن تتعامل مع الأمر بحكمة وأن تسارع الى اطلاق سراح كل من يثبت عدم علاقته بالانقلاب وإحالة من تحوم حولهم الشبهات الى القضاء في جو من الوضوح والشفافية، وأن تتعامل مع حالة الطوارئ من منطلق القاعدة الفقهية «الضرورات تبيح المحظورات والضرورة تقدر بقدرها» وأن تنهي حالة الطوارئ بأسرع وقت ممكن.

وعلى تركيا ألا تخضع لابتزاز الغرب وألا تتهاون في عملية التطهير، وإلا ستكون النتيجة انقلابا جديدا يطيح بالجميع ويومها لن يفيد البكاء على اللبن المسكوب، وأعتقد أن الحكومة التركية تملك من الوعي والكفاءة ما يمكنها من تجنب الوقوع في الأخطاء التي وقع فيها البعض بسذاجة ومراهقة سياسية مكّنت للدولة العميقة من الانقضاض عليهم، لذا فإن على الحكومة التركية استغلال الأوراق التي تملكها في مواجهة الغرب الذي كان يمني نفسه بنجاح الانقلاب ومن الخطأ التصور أو التعامل مع الانقلاب على أنه منتج محلي.

والخلاصة أن فشل الانقلاب لا يعني زوال خطره، فمازال الخطر محدقا بتركيا سواء بمحاولات انقلابية أخرى أو محاولة إثارة القلاقل والاضطرابات خاصة بعد أن اتضح اتساع نطاق الانقلاب والعناصر المشاركة فيه على عكس الانطباع الأول الذي شاع بمحدودية الانقلاب.

النهار

تعليقات

اكتب تعليقك