تركيا تتقوى بعد الانقلاب وحركة تطهير شريفة.. يكتب حمود الحطاب

زاوية الكتاب

كتب 339 مشاهدات 0

د. حمود الحطاب

السياسة

شفافيات- تركيا تتقوى بعد الانقلاب وحركة تطهير شريفة

د. حمود الحطاب

 

بعد أن اتضح ضلوع قوى كبرى في الانقلاب الفاشل في تركيا، بالاضافة إلى قوى خادمة وقوى مساعدة للخادمة هي ايران، كما أوضح مولانا السيد المنصف المرزوقي رئيس الجمهورية التونسية الشقيقة السابق في مقالة الأمس والتي قبلها- كما فهمت من مقالة المرزوقي – واتضح بجلاء الوعي التركي المسبق واللاحق لما جرى ويجري في الميدان التركي سابقا وحاليا ومستقبلا. واتضح ذاتية اعتماد تركيا- بعد الله -على قدراتها الذاتية في علاج أمورها، وأن ما يقوله كل المخلصين لتركيا من نصائح إنما هو من باب حب تركيا وليس حاجة تركيا بقي أن نكمل المشوار الفكري في هذه القضية مع مولانا السيد المنصف المرزوقي السياسي المثقف والمحنك، لنعرف منه أبعادا مهمة للغاية تُسدِل الستار على كليات الرؤية والحدس والتحليل والتفسير في ضوء معطيات تتالي الأحداث وتكامل الصورة وإليكم التتمة، للمتابعين للمقالتين السابقتين يقول السيد المرزوقي: “فكيف يكون العلاج المبادر والسبَّاق كي لا تقع تركيا فقط في رد الفعل؟الجواب يعتمد على خطتين: الأولى: من لا يخيف العدو لا يمكن أن يهابه العدو. الثانية: من لا ينجح في صيانة الجبهة الداخلية لا يمكن أن يصمد أمام «الحرب اللطيفة» وعلى آثار ما يصحبها من حرب عنيفة، وهي ليست بالضرورة عسكرية. فيكون الحل المبادر في الداخل بالتركيز على المناعة الداخلية التي من منطلقها يمكن أن يصبح النظام مخيفا للأعداء، لأن قوة الشعوب -بعد الله سبحانه وتعالى – قوة لا تقهر. أما في الخارج فينبغي البحث عن حلفاء من مصلحتهم عدم القبول بالغايات التي يستهدفها العدو الأساس، أي الذي يحرك المنفذين التابعين له في الإقليم. وهذا يعني أن الحلفاء لن يكونوا من الإقليم، لأن المعين الوحيد لهم هو الحركات الإسلامية وبعض الأنظمة العربية، وكلاهما كما أسلفت لا يعول عليه بغض النظر عن الاسباب.فمن يمكن أن يكون حليفا؟ إنه من يخشى مثل تركيا أن تخنقه سيطرة بعض الدول الاستعمارية وشرطيها (إسرائيل) ومساعده (إيران) على ما يراد به خنق تركيا لإضعافها ، وللمفارقة فإنه لا يوجد إلا أربعة إمكانات بعضها أكثر نضوجا واضطرارا للتحالف مع تركيا هي روسيا والصين والهند وأوروبا. وهؤلاء الحلفاء يحدد موقفهم أمران: • خطر سيطرة بعض القوى المعادية وشرطيها ومساعد الشرطي على الإقليم، وهنا اعتقد أن روسيا هي الأولى لخوفها على سر قوتها :الطاقة والدفاع. وبحسب هذا المعيار تتوالى بقية القوى التي ذكرت. فالصين والهند، هما أيضا مهددتان بسيطرة قوى أخرى على الإقليم، أي مركز العالم الإسلامي وقلبه.وأوروبا رغم خوفها من تركيا فهي من إيران وإسرائيل أشد خوفا لأنها تَعْلَم منطق «شيلوك» فتعامل الإقليم معها لن يبقى كما كان تحت محميات عربية. ومدى استعمال القيادة التركية لهذه الأوراق بحنكة ودراية ودهاء، فهو متوقع ان شاء الله وقريب المنال. لكن الامتحان الأعسر هو الحرب اللطيفة، فالتطهير في تركيا ينبغي أن يكون شفافا إلى أبعد الحدود، وأن تماطل القيادة في المحاكمة سنوات لربح الوقف. وينبغي أن يكون التطهير مناسبا لتمزيق صف الأعداء، وأن يقتصر على القيادات الحقيقية المتآمرة، وأن يتعامل بتسامح مع من هو دونهم حتى لا يؤلبوه ضدهم. وأخيرا، ينبغي أن يكون الشعار في كل هذا غير حزبي وغير طائفي، وحتى غير ديني”. وجهة نظر السيد المرزوقي محترمة للغاية، وقد نقلتها بتصرف، وقد أثبتت العدالة التركية مواقف عظيمة هي في حجم عظمة تركيا وشموخها وبحجم آمالها وطموحها، وهي أيضا وأيضا بحجم عظم نجاحاتها، وقد سرَّنا جميعا وهو ما نتوقعه من هذه الجمهورية العظيمة بقيمها وثقافتها وتاريخها وقدراتها، سرنا أن رأينا وسمعنا وقرأنا أنها تتعامل بوسطية وقانونية واعتدال مع الأحداث رغم جسامتها وعمقها وخطورتها، فها هو المدعي العام التركي يفرج عن 1200 من الجنود الذين غرر بهم وتورطوا بالمشاركة في عملية الانقلاب الآثمة الفاشلة. وهذه الصورة تعطي تقييما حقيقيا لشفافية التعامل مع معطيات الأحداث وعظمة القرار والموقف التركي. بقي في خاطري شيء طريف للغاية في زحمة كل هذا وهو، أن ضابطا عسكريا برتبة نقيب شارك في الدخول لمحطة تلفزيون “ت ر ت” الرسمية ليلة الانقلاب الفاشل، وقد شعر بالندم لفعلته هذه كما بدا، فوجد دواليب عدة في المحطة فيها بدل وقمصان ملابس متنوعة وحتى أحذية كرمكم الله؛ فترك سلاحه الشخصي الآلي على جنب، ونزع ملابسه العسكرية كلها حتى الداخلية منها، وارتدى من البدل المدنية والقمصان وغيرها من التي هي معدة للمذيعين كما بدى أيضا، «وكشخ» فيها “الريال” أيما كشخة، وخرج من المبني بهذه الملابس المدنية الجميلة الأنيقة وريح نفسه من دوشة التآمر على بلاده وتبعاتها . وإذا كان ذكيا فيكون قد نزع اسمه من على البدلة. لكنه ربما نسي أن رقم البندقية سيكشفه، هذا إذا كانت البندقية مسجلة باسمه، ولاتزال ملابسه العسكرية وسلاحه يعرض كل ليلة في “ت رت”. والله زين سوّى. إلى اللقاء.

السياسة

تعليقات

اكتب تعليقك