أن تكون الكويت عاصمة للشباب العربي فهذا يعني الاستماع الى صوتهم.. هكذا يرى فهد الصباح

زاوية الكتاب

كتب 380 مشاهدات 0

فهد الصباح

النهار

رأي اقتصادي-الكويت عاصمة للشباب العربي ... ماذا يعني؟

فهد داود الصباح

 

أقر مجلس الوزراء في جلسته الاخيرة اعلان الكويت عاصمة للشباب العربي العام المقبل، وهي مناسبة مهمة ومفصلية بالنسبة لهذه الشريحة من الشعب التي عليها تحمل المسؤوليات المستقبلية، بل منذ اليوم عليها تأدية دور اساس في الحياة العامة، خصوصا ان نسبتها تصل الى نحو 62 من الشعب، بمعنى اكثر وضوحا ان المجتمع يعتبر شابا.

لم يبق غير نحو أربعة اشهر على بدء السنة الجديدة، وان تكون الكويت عاصمة للشباب العربي فهي مهمة ليست سهلة لان الدور المطلوب من الجهات المعنية، وقطاعات الدولة كافة اكبر بكثير من النشاطات البروتوكولية العادية المعتادة في برامج النشاطات السنوية التي درجت عليها المؤسسات المعنية، لان الهدف الحقيقي هو ترجمة دور الكويت التنويري الذي بدأته منذ العام 1958 مع مجلة «العربي» واستكملته مع سلسلة المنشورات الثقافية العديدة الصادرة عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب وبقية المؤسسات الثقافية، تقول إن ترجمة هذا الدور الى فعل مؤثر وتغييري في نمط التكفير الشبابي الذي تعرض لهزات كثيرة في العقدين الماضيين ادت الى جنوح نسبة لا بأس بها منهم الى الانحراف عن الدور الصحيح لاي شباب، كارتفاع نسبة العنف في المدارس، وعدم الاستفادة من الدراسة الجامعية في تعزيز الوعي، اضافة الى ارتفاع نسبة المتعاطين للمخدرات، والمتطرفين الذين للاسف لم يسبق ان كانوا على هذا النحو في العقود السابقة.

لهذه الاسباب فان المهمة الملقاة على عاتق الجهات المعنية بهذه المناسبة لن تكون سهلة اذا كان الهدف اطلاق ورشة عمل كبرى في توعية الشباب وانخراطهم في الحياة العامة عبر تعزيز دورهم بما يتناسب مع الثقافة الكويتية من جهة ومنع انزلاق شريحة منهم الى مهاوي الفساد الاجتماعي والتطرف.

والسؤال: ماذا يمكن ان تقدم تلك المؤسسات للشباب العربي والكويتي في هذه السنة المخصصة لهم، وهل بمقدور الحكومة التوجيه الى جعل الكويت كافة من اقصاها الى ادناها ورشة عمل شبابية بعيدا عن المهرجانات الاحتفالية التي تزيد من انكفاء هذه الشريحة عن تأدية دورها اذا لم تكن تتويجاً لعمل توعوي جذري؟

لدينا الكثير جدا من الامكانات التي يمكن توظيفها من اجل التوعية، بل يمكن جعل الكويت منارة شبابية عربية، وربما عالمية، اذا احسنت الجهات المعنية التخلص من عبء الضغوط السياسية والانتخابية والمصالح الفردية المتحكمة في مفاصل العديد من المؤسسات، والتي ترخي ظلالها على كل شيء في الدولة، لان المطلوب ليس الاكتفاء بعنوان الاحتفاليات وفي نهاية السنة تقديم جدول بنشاطات فولكلورية عن نشاطات لا تبقى في الذهن، ولا تؤثر، فاذا كان صيد اللؤلؤ تحول الى نشاط فولكلوري نحتفل به سنويا لمجرد الابقاء على هذا التقليد، فان هذه المناسبة يمكن تحويلها الى درس توعوي في معاناة الآباء والاجداد قديما من اجل لقمة العيش، وكيف كانت رحلات الصيد هذه تتحول الى مسار اجتماعي واقتصادي يتجدد بالتجربة اليومية للمشاركين فيها، اضافة الى التعاضد بين ابناء المجتمع الواحد الذين استطاعوا نتيجة ذلك التغلب على الكثير من الاهوال والمشكلات، بل اسسوا لسلوك خيري ثابت في المجتمع الكويتي، يتغير شكله مع التطور لكنه يبقى في جوهره معبراً عن تلك المرحلة.

أن تكون الكويت عاصمة للشباب العربي فهذا يعني بالدرجة الاولى الاستماع الى صوتهم والنظر في عمق مشكلاتهم، خصوصا في ظل المحرقة الدموية الكبرى التي تعيشها المنطقة ويكون الشباب ضحيتها، واقصد هنا التطرف والانتساب الى الجماعات المتطرفة التي تتخذ من الشباب وقودا لها، وبالتالي المهمة ليست سلهة، ولا هي مجرد سلسلة احتفالات غير مؤثرة انما عمل متواصل على مدار 365 يوما يكون فيها الشباب في مصهر اعادة الوعي بثقافتهم وواقعهم الاجتماعي البعيد كل البعد عن مجموعة الظواهر السلبية التي بدأت تضرب الاسس الاجتماعية.

من المهم جدا الاخذ بالاعتبار ان المناسبة بحد ذاتها ليست عابرة، انما هي بداية لحركة طويلة ومستمرة من التوعية بشتى امور الحياة من منظور متطور يستفيد من الموروث الاجتماعي، ويحافظ على التقاليد والاعراف الثقافية، وفي الوقت نفسه يستفيد من تجارب الشعوب الاخرى في توظيف طاقة الشباب الهائلة في تطوير الدولة والمجتمع ككل، وهذا لا يمكن توفيره اذا ظللما على نمط التفكير داخل الصندوق، بل على الجميع المشاركة في هذه الورشة من منطلق واحد وهو ان هذه الشريحة الاجتماعية منوط بها ادارة المستقبل، بدءا من اصغر الامور الى اعظمها، وبالتالي علينا الافساح في المجال لهم للمشاركة الفعلية في التخطيط لهذه السنة، اي اذا اردنا نجاح هذه المناسبة التي ستستمر سنة كاملة ان نتركهم هم يخططون لما يريدون خلال هذه السنة لكن على اسس وقواعد واضحة ملتزمة الثوابت الكويتية المعروفة للجميع، وان يجعلوا سنتهم بداية لزمن كويتي، وعربي جديد، يتناسب مع العصر الذي نحن فيه، وايضا لا يكون غارقا في التخلف والتطرف.

الكويت عاصمة للشباب العربي، يعني باختصار امتحان تاريخي للكويت وشبابها، يجب ان ينجح الجميع فيه.

النهار

تعليقات

اكتب تعليقك