فراغ المسلمين من حقيقة الإسلام السبب في انتكاستهم المعاصرة .. كما يرى ناصر المطيري

زاوية الكتاب

كتب 539 مشاهدات 0


النهار

خارج التغطية- في التاريخ عبرة

ناصر المطيري

 

عندما نقرأ التاريخ وفق نظام السنن الإلهية يتيح لنا ذلك إدراك الأسباب الحقيقية للانتكاسة الضخمة التي وقعت فيها الأمة في عصرها الأخير، ونتعرف في الوقت ذاته على طريق الخلاص. إن التخلف المادي والعلمي والسياسي والحربي والاقتصادي... الخ، الذي هو سمة المسلمين في واقعهم المعاصر، ليس هو السبب الأصيل في انتكاستهم المعاصرة، إنما هذه كلها أعراض للمرض الأصلي، الذي هو فراغ المسلمين من حقيقة الإسلام، وبعدهم عن الله، وبعدهم عن مقتضيات رسالتهم التي أخرجهم الله من أجلها.

إن التاريخ الإسلامي هو تاريخ هذا الدين الواحد، وهو الإسلام: إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ، وهو تاريخ تطبيق هذا الدين، تاريخ الصراع بين الحق والباطل.. تاريخ انتصار الرسل والدعاة في دعوتهم إلى الله عز وجل، واندحار موجات الكفر وأهله.. تاريخ أمم عرفت أوامر الله ونواهيه ولم تلتزم بها فكان عاقبة أمرها خسرا، تاريخ رجال لا يخشون في الله لومة لائم، وعلماء جندوا علمهم لله، وآخرون عتوا عن أمر ربهم، وباعوا أنفسهم للشيطان، وجعلوا دين الله مطية لأهوائهم ورغباتهم، فطغوا وتجبروا وظنوا أنهم قادرون على كل شيء، فأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر.

ومن هنا تأتي العلاقة بين التاريخ والدين، وهي علاقة وثيقة،وإذا كان أعداؤنا قد استفادوا من قراءتهم لتاريخنا استفادة عظيمة، فإن الأمثلة على ذلك كثيرة ولا تحصى. ومن ذلك عندما قرر القائد الفرنسي شارل مارتل إرجاء الدخول في معركة مع المسلمين في الأندلس، وخطب في قومه قائلا: «الرأي عندي ألا تعترضوهم، فإنهم كالسيل يحمل ما يصادفه وهم في إقبال أمرهم، ولهم نيات تغني عن كثرة العدد، وقلوب تغني عن حصانة الدروع. ولكن أمهلوهم حتى تمتلئ أيديهم من الغنائم، ويتخذوا المساكن، ويتنافسوا في الرئاسة، ويستعين بعضهم على بعض، فحينئذ تتمكنون منهم بأيسر منهم»!! فلما التقوا في معركة بلاط الشهداء بعد عدة سنوات كانت الغلبة للأعداء والهزيمة الساحقة للمسلمين.

فكلما غرق المسلمون في شهواتهم وملذاتهم وتفرقوا إلى ملل وطوائف وأحزاب وابتعدوا عن طريق الهداية والرشاد، تخلى الله عنهم، فانهزموا وضاعت عزتهم وأمجادهم. وكلما تمسكوا بحبل الله المتين، كلما كان النصر على الأعداء قويا مؤزرا بمشيئة الله. القضية تتلخص في مدى قرب المسلمين من الله وبعدهم عنه سبحانه، وكم في التاريخ من عبر. قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي اْلأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ * هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ آل عمران 137.

النهار

تعليقات

اكتب تعليقك