عبدالعزيز الدويسان يكتب: الغلام الذي عاهد أمه أن لا يكذب

زاوية الكتاب

كتب عبدالعزيز الدويسان 700 مشاهدات 0


خصلة قبيحة .. صفة ذميمة .. آفة كبيرة .. عاقبته وخيمه .. يقلب الحقيقة .. يقبح الحسن .. ويحسن القبيح .. من صفات النفاق .. فالكذب طريقه قصير ، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بالصدق ، وحينما سأل هرقل ملك الروم أبا سفيان بن حرب وكان كافراً في ذلك الوقت فقال له: بم يأمركم نبيكم؟ ، فقال: يأمرنا بالصدق  .

وعليه أفضل الصلاة والسلام كان يسمى بالصادق الأمين والمطاع الأمين وعرف بهذه الألقاب قبل وبعد نزول الوحي ، ويعلمنا النبي صلى الله عليه وسلم أن المزاح واللهو والمرح يكون بالصدق أيضاً وقال النبي صلى الله عليه وسلم لامرأة عجوز يمزح معها: ' لا يدخل الجنة عجوز ' وبكت المرأة ، وظنت أنها لن تدخل الجنة ، وضحك النبي صلى الله عليه وسلم فقال لها: ' لا يدخل الجنة عجوز ' ، لأن الله عز وجل يعيد لأهل الجنة شبابهم مرة أخرى.

 وقال جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه – أمام النجاشي ملك الحبشة: أمرنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) بصدق الحديث ، وأداء الأمانة ، والمسلم الصادق شجاع لا يخشى إلا الله ، بينما الكاذب جبان يخاف الناس ، ولا يكون المؤمن كذاباً أبداً.  

في هذا الزمن كم انتشر الكذب في العمل في التجارة في المجالس ، في زمن الكذابون هم المتصدرون ! آفة انتشرت كالنار بالهشيم ، في زمن قليل من يثق بالآخر ، ويسيء الظن أكثر من إحسان الظن ، والصدق يجمع حقائبه فقال أنا مللت العيش في زمن أصبح الكذب لي بديل وأصبحت أنا فيه كالقتيل ، زمن يهاب الصدق والصعود على أكتاف الكذب .

ويروى أن غلاما خرج من مكه إلى بغداد طلبا للعلم وعمره لا يزيد على 12 سنة ، وقبل أن يفارق قال لأمه يا أمي أوصني ؟ فقالت: عاهدني أن لا تكذب ، وكان معه 400 درهم ينفق بها على ننفسه في سفره ، فركب دابته متوجها إلى بغداد ، وفي الطريق اعترضه بعض اللصوص فقال له أمعك مال أيها الغلام ؟ فقال: نعم معي 400 درهم ، فقالوا: له انصرف اتهزء بنا ومثلك يملك 400 درهم ، فانطلق الغلام وفي الطريق اعترضه كبير اللصوص ، فاستوقفه وقال له أمعك نقود ، فقال: نعم معي 400 درهم ، فقال: اخرجها ، فأخذها منها وانصرف الغلام ، فناداه اللص وقال له : ما حملك على ذلك . فقال الغلام لقد عاهدت أمي أن لا أكذب أبدا ، فخشع اللص ورق لحال الغلام ، وقال : عجبت لك ، أتصدق لأنك عاهدت امك وفيه هلاكك ، وأنا اخون عهد الله ، فرمى عليه ماله وقال: وانا أعاهدك إنني قد تبت على يديك ، وفي المساء جاء إليه أتباعه من اللصوص ومعهم ما قد سرقوه ليضعوه بين يديه فقال لهم وهو ذليل يبكي من خشية الله ' إن الله يأمركم أن تأدوا الأمانات إلى أهلها ' فما زال عليهم حتى تابوا .

تحري الصدق في القول والعمل تفلح في الدارين الدنيا والآخرة.

الآن - عبدالعزيز الدويسان

تعليقات

اكتب تعليقك