التصريحات الرنانة لبعض لم تستطع إخفاء ضعفهم..بوجهة نظر حمد العصيدان

زاوية الكتاب

كتب 549 مشاهدات 0

د. حمد العصيدان

الراي

من زاوية أخرى- أعطيتموها الخيط والمخيط... فلا تلوموها مهما فعلت!

د. حمد العصيدان

 

دعونا نتفق على أمور أصبح استنتاجها بديهياً من مجريات الأحداث التي عشناها وتتعلق بالساحة المحلية، وتداعيات ما جرى على المواطن وحياته المعيشية.

أولاً، أن الحكومة لو كانت تحسب حساباً لرد الفعل النيابي تجاه قرارها برفع سعر البنزين، لما اتخذته في غياب المجلس. ولو لم تكن واثقة من أن رد الفعل على ذلك القرار لن يتجاوز تصريحات تدغدغ مشاعر الناخبين وتمتص غضبهم، ما مضت فيه بهذه السرعة.

ثانياً، ان الإصرار الحكومي على عدم الرد على نداءات النواب، قبل سريان قرار الرفع وبعده، يؤكد أن السياسة الحكومية أصبحت أحادية، من دون النظر إلى الجناح الثاني للعمل السياسي المتمثل في السلطة التشريعية. وحتى التداعي للاجتماع بين الحكومة والمجلس بعد صدور القرار، لم يسفر عنه شيء يذكر سوى تأكيد طرف على المضي في قراره، وإصرار طرف آخر على العودة إلى التفاهمات السابقة في هذا الشأن، ليتضح في شكل جلي، أن الشعارات، التي رفعت خلال السنوات الثلاث الماضية، عن التعاون لتحقيق كل ما في مصلحة المواطن، ليست إلا زبداً ذهب جفاء مع أول موجة حكومية عاتية!

ثالثاً، كشفت القضية، وغيرها من القضايا التي مرت، عن ضعف واضح، لم تستطع إخفاءه التصريحات الرنانة لبعض النواب، بنيتهم استجواب الوزراء على خلفية البنزين، هذا الاستجواب الذي قابلته الحكومة ببرود شديد لم نعهده فيها مع ما كان يواجهها من استجوابات في المجالس السابقة، يجعلها تقف على قدميها منذ لحظة تقديم الاستجواب إلى الجلسة الموعودة، محاولة تعزيز موقفها من ناحية واسترضاء المستجوبين لعلهم يتراجعون عن السير فيه. بينما ابتسم الوزير المعني من نوايا الاستجواب الحالي، وقال إن الصعود على المنصة فرصة لشرح سياسة الحكومة في هذا الملف!

رابعاً، وهنا مربط الفرس، جاءت الدعوة إلى عقد جلسة خاصة لمجلس الأمة خارج دور الانعقاد لمناقشة رفع سعر البنزين وتداعياته، لتكشف ضعف التنسيق النيابي من جهة، وتأثير الحكومة على بعض النواب من جهة ثانية، فبعد تحركات محمومة، لم يستطع رافع لواء الجلسة النائب أحمد القضيبي جمع العدد المطلوب لقبول تقديم الطلب، وهو 35 نائباً، فجمع توقيعات 31 فقط، ليعلن أن الحكومة «أجهضت» الطلب، بعدم اكتمال نصاب موقعيه. وعندما تكشفت الأمور، سارع أربعة نواب، ممن لم يوقعوا، إلى توقيع الطلب ليكتمل ويقدم إلى أمانة المجلس يوم الخميس الماضي، ويصبح الآن الأمر عند الحكومة، إن كانت ستوافق على عقدها أم أنها ستكمل إجهاضها.

ومهما يكن من أمر، وسواء أعقدت الجلسة أم لم تعقد، فإن سعر البنزين الجديد أصبح سارياً، والمواطنون دفعوا الفرق، وهم مؤمنون بأنه لن يعود إلى سابق عهده. ويبقى حسابهم للنواب الذين «تخاذلوا» من وجهة نظر الكثيرين في الوقوف بوجه الحكومة، بل أعطوها «الخيط والمخيط» للتصرف كما تريد، وهي مطمئنة إلى أن أعضاء مجلس الأمة لن يزعجونها أو يعكرون صفو قراراتها. وحتى موضوع اكتمال نصاب طلب الجلسة الطارئة، يؤكد استهانة نواب بمسألة تتعلق بعيش المواطن وحياته اليومية، فإذا كان العدد قد وصل إلى 31 فأين البقية او غالبيتهم من تقديم الطلب؟ ولماذا لم يوقع الأربعة على الطلب منذ تقديمه، أم أنهم انتظروا حتى يأخذوا الضوء الأخضر من الحكومة للتوقيع؟

وبانتظار القرار الحكومي حول الموافقة أو رفض الحضور للجلسة الموعودة، فإننا نستبق عقدها ـ إذا قدر لها أن تعقد ـ بالتأكيد على أنها لن تخرج بنتيجة، سوى مضي الحكومة في القرار، وربما يخرج لنا بعض النواب ليثني على سياستها التي يراها حكيمة، كونها رفعت سعر لتر البنزين الخصوصي إلى 105 فلوس، ولم تصل به إلى 150 فلساً!

باختصار، قضية رفع سعر البنزين أثبتت ضعف ثلثي أعضاء مجلس الأمة وعدم قيامهم بدورهم الذي أعطاهم إياه الدستور، ومن أجله انتخبهم الناس، وهو حماية المواطن والدفاع عن مكتسباته، وهو أمر سيكون حسابه عسيراً لهم عند صناديق الاقتراع العام المقبل.

 

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك