عدنان فرزات يكتب .. المرأة «النيوروجية»

زاوية الكتاب

كتب 518 مشاهدات 0

عدنان فرزات

القبس

المرأة «النيوروجية»

عدنان فرزات

 

ليس بوسعك أن تقنع الآخرين بأنك حزين إذا خاطبتهم وفي فمك «علكة».

كذلك هم بعض مَن يسمون أنفسهم ناشطين لأجل ضحايا بلدانهم، فلن يكونوا مقنعين في إيصال رسالة ألمٍ عن ضحاياهم في ما لو خاطبوا الرأي العام وهم يضحكون ويبتسمون للقطات «السيلفي».

قبل أيام خرجت مجموعة من الناشطين السوريين في بريطانيا ليتجمعوا أمام منزل رئيسة الوزراء تيريزا ماي للفت النظر إلى أرواح الصغار والكبار والثكالى، ولكن الذي لفت النظر أكثر هو امرأة ظهرت بكامل زينتها، ولم تُنقص شيئاً، بدءاً من المكياج إلى وصلات الشعر الاصطناعية، والنظارات الشمسية الماركة، وزادت على كل ذلك بضحكة، وهي تدير ظهرها للمجموعة من أجل التقاط سيلفي لا يتناسب مطلقاً وصور الأطفال الخارجين من تحت الدمار المحمولة من قبل أشخاص آخرين في المجموعة، وبدا لافتاً الفرق بين الإسمنت الأبيض على وجوه الأطفال، وبين كريم الأساس الذي يعلو وجه هذه المرأة التي يفترض أنها خرجت في تظاهرة لتوصل إلى تيريزا ماي مشهداً مأساوياً كئيبا وحزينا، لأطفال يتساقطون كل يوم كعصافير فقدت أعشاشها فوق أشجار محترقة.

الطريف في الأمر، أن هذه المرأة بمظهرها «النيوروجي»، وهو اختصار لمصطلح «نيولوك ثورجي»، لم تستطع أن تقنع حتى أصدقاءها على صفحتها بالفيسبوك بالرسالة التي تظاهرت لأجلها، فكيف لماري تيريزا أن تقتنع؟! فالمفترض أن الصور التي نشرتها «النيوروجية» على صفحتها تمثل مأساة وكارثة إنسانية، ولكن بعض التعليقات كانت مضحكة ولكنها واقعية لمثل هكذا مشهد، وهي كالآتي: «وين هالصورة يا قمر»، «كتير حلو الشعر القصير عليك طالعة 20 سنة. يا دوب»، «ونيولوك كمان». هذه التعليقات وردت على موضوع يتعلق بتظاهرة يفترض أنها عن شعب قتل منه الآلاف وتشرد منه الملايين.

الأمر كان أشبه بشخص يروي نكتة في مجلس عزاء، وقد تخيلت لو أن رئيسة وزراء بريطانيا خرجت إليهم من الشرفة ورأت «امرأة ضاحكة» بكامل مكياجها، إلا اللهم من طريقة «نفش الشعر» لينسجم مع أكشن الشخصية الثورية، جاءتها تطالبها باتخاذ موقف من الدماء التي تسفح، فما التعابير التي ستظهر على وجه تيريزا ماي؟ على الأغلب ستسكب فوقهم «ماي» على طريقة أمهات الفتيات اللواتي يشاهدن شاباً «مغازلجيا» تحت الشباك.

من عادة المسؤولين في الغرب أن يخرجوا ليتحدثوا إلى المجموعات المتظاهرة، ولكن الذي حدث هنا أن رئيسة الوزراء «ما عبرتهم»، وهي إما انها كانت في الدوام، وإما لأن تيريزا ماي تفكر بعقلها.. لا بشكلها.

 

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك