عدنان فرزات يكتب .. إجازة «أبوبة»

زاوية الكتاب

كتب 531 مشاهدات 0

عدنان فرزات

القبس

إجازة «أبوبة»

عدنان فرزات

 

ليس فقط العرب، بل وحتى الغرب، ما زالوا يتعاملون مع المرأة وكأنها كائن مستورد إلى الأرض لفترة مؤقتة، فينظرون إليها ليس على أنها شريكة في هذا الكوكب، بل انها تسكنه بالإيجار، وعقد ملكية الكوكب بيد الرجل، متى ما شاء رفع قيمة الإيجار، أو إن تأخرت بالدفع قطع عنها الكهرباء والماء!

حتى الآن، سواء عندنا أو عندهم، يجرون الدراسات حول المرأة وعملها وحقوقها الوظيفية، ويحولونها إلى مادة بحثية، كما لو أنهم للتو اكتشفوها في أحد الكهوف وأخذوها إلى المختبر لمعرفة طبيعة هذا الكائن.

هذا امتهان للمرأة، التي وصلت إلى سدة الرئاسة في العالم الغربي وإلى مناصب وزارية في الوطن العربي، وسيكون انتقاصاً أكبر بحقها لو أن المرأة نفسها استمرأت هذا الأمر وقبلت أن تتعامل بهذه الطريقة «المختبرية». ولكن مع ذلك، فهناك ثمة خروقات من قبل الرجل العربي لكيان المرأة، تؤكد أنها ما زالت هي «الحلقة الأضعف».

بعض الدول الغربية تخطت هذه العقدة، وأصبحت تمنح الزوج إجازة أبوة، أو بالتعبير الشعبي إجازة «أبوبة» على نسق إجازة أمومة، ولكن لو طُبق هذا المبدأ لدى العرب فعلى أغلب الظن أن الرجل سيرفضه، معتبراً أنه انتقاص من رجولته، علماً بأن معظم الرجال العرب حتى لو حصلوا على إجازة «أبوبة»، فسوف يمضونها إما أمام التلفاز يتفرجون على نانسي عجرم في برنامج Arab Idol، أو في المقهى مع «الربع»، بينما زوجاتهم يقضين إجازتهن في صنع زجاجات الحليب الاصطناعي بسبب انقراض الرضاعة الطبيعية هذه الأيام. ولكن اليوم تغيرت هذه الصوة النمطية، فأصبح الرجل لا يشاهد التلفاز ولا يخرج مع «الربع».. إلا بعد أن ينهي تقطيع خضار السلطة.

أما إجازة الأبوة في الدول الغربية التي أقرتها، فلها شروط تلزم الرجل برعاية الطفل المولود مثله مثل الأم، بما فيها الرضاعة.. الاصطناعية طبعاً.

ومع ذلك، فلا يزال الغرب، على الرغم مما وصلت إليه المرأة عندهم من مراكز متقدمة، يعتقدون أن مجتمعهم الوظيفي – على الأقل – ذكوري، حيث قالت ماريا ميلر، عضوة البرلمان البريطاني عن حزب المحافظين، في لجنة المرأة والمساواة، ونقلت الـ BBC قولها: «إن أماكن العمل في بريطانيا ما زالت تعيش عصر هيمنة الرجال».

في الدوائر الوظيفية العربية، يتم أحياناً تعيين المرأة في وظائف من باب المساعدة الاجتماعية، وهذا يعني أنهم لا يفكرون بقدرتها الإنتاجية، وعندما تجتمع مجموعة من النساء من هذا النوع الوظيفي في دائرة واحدة، تتحول المكاتب إلى طاولات مطبخ.

 

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك