في الكويت لا تنتهي صلاحية المسؤول فهو إذا ما انتهى من مكان فسيجد مكانا آخر مفتوحا أمامه.. كما يرى حمد العصيدان

زاوية الكتاب

كتب 394 مشاهدات 0

حمد العصيدان

الراي

من زاوية أخرى-  مهارة القفز بـ «الباراشوت» في الكويت!

حمد العصيدان

 

أعاد الخبر الذي تناقلته وسائل الإعلام المختلفة الأسبوع الماضي عن عزم وزير الصحة الدكتور جمال الحربي على تعيين مدير مكتبه وكيلاً مساعداً في الوزارة، أعاد إلى الواجهة قضية لطالما كانت سبباً في جدل كبير، لم ولن يتوقف، حول استغلال مسؤولين لمناصبهم في تعيين مقربين منهم في مراكز قيادية في المؤسسات التي يتولونها، في صورة أطلق عليها «تندّراً» مصطلح «القفز إلى المنصب بالباراشوت»، وهي قضية لا يبدو أنها ستنتهي في الكويت.

فقضية التعيينات المصلحية في المناصب، وعلى الأقل في المدى المنظر، كانت مثار جدل كبير في الساحة المحلية، فما يكاد الوزير يحط رحاله في إحدى الوزارات حتى يبعث الباراشوتات للمقربين والمحسوبين، ليطيروا ويقفزوا في مناصب الوزارة، بدءا من «وكيل مساعد» وصولا إلى مديرين ومستشارين. وليس بعيدا ما أثير حول تعيينات وزيرة الشؤون السابقة ذكرى الرشيدي التي أثارت زوبعة جدل كبيرة على تعييناتها لمحسوبين ومقربين منها في مفاصل الوزارة والهيئات الملحقة بها. ولما كثر الحديث عنها وعن سياستها، طارت من الوزارة وبقي من عينتهم في مناصبهم.

ثم تبع ذلك سيل من التعيينات الباراشوتية، أكثرها جدلا في عمر المجلس السابق، كان النائب والوزير السابق يعقوب الصانع الذي ثارت عليه ثائرة النواب، جراء تعيينات كبيرة أقدم عليها في وزارتي الأوقاف والعدل اللتين كان يحمل حقيبتيهما، تلك التعيينات التي أطلق عليها اسم «تعيين انتخابي» كونه، وفق منتقديه، قام بتعيين كثير من الموظفين من المحسوبين على دائرته الانتخابية، وهو الأمر الذي أثار حفيظة نواب رفضوا ذلك وتوعدوا باستجواب الوزير، ولكن حل المجلس كان أقرب من تنفيذ تهديدهم. وكذلك ما قام به النائب والوزير السابق الدكتور علي العمير في عدد من الهيئات التي تبعت وزارته، ووضع تحت مجهر المساءلة حتى اقتص الناخبون للنواب منه، كما اقتصوا من زميله الصانع، فلم تنفعهما تلك التعيينات ليخرجا من سباق الانتخابات الأخيرة خاسرين، فيما من عينوهم ظلوا محتفظين بمراكزهم الجديدة.

والأمر لا يقف على الوزراء النواب، فحتى زملاؤهم في مجلس الوزراء لم يوفروا فرصة الوصول إلى المنصب الوزاري لتعيين محسوبين أو مقربين عليهم، وكأن هناك عرفا حكوميا يتمثل في «كوتا» للوزير تتيح له جلب بعض العناصر معه إلى الوزارة، وبالتأكيد سيكون التعيين على حساب المعينين سابقا، ونسمع دائما عن جيش من المرافقين للوزير يحتلون مناصب وزارية مقربة من مكتب الوزير.

ولا شك أن مثل هذا العرف ليس له علاقة بأي شكل من أشكال الإنجاز أو العمل الوزاري، فالأصول الوظيفية تقول إن المناصب يتولاها موظفون تدرجوا في الوزارة وظيفيا منذ أن دخلوها موظفين حتى الوصول على أعلى المناصب. وللحقيقة فلم تقدم لنا الحكومة نموذجا حقيقيا للتدرج الوظيفي إلا في حالة وزيرة التربية السابقة نورية الصبيح التي بدأت السلم الوظيفي من أوله معلمة فرئيسة قسم ثم مديرة مساعدة فمديرة مدرسة، ثم صعدت على مناصب المنطقة مراقبة فمديرة إدارة وأخيرا مديرة منطقة، لتنتقل بعدها للوزارة وكيلة مساعدة فوزيرة. وغير ذلك لم نجد هذا التسلسل بشكله النموذجي في أي وزير تولى حقيبة في الحكومة، هذا عدا الوزراء الذين لا يمتون إلى الوزارات التي يتولون حقيبتها بصلة، والأمثلة على ذلك كثيرة.

نقطة أخرى، وأخيرة، ففي الكويت لا تنتهي صلاحية المسؤول أبدا، فهو إذا ما انتهى من مكان فسيجد مكانا آخر مفتوحا أمامه، فكثير من الوزراء تحولوا إلى مستشارين، حتى أصبحت جنبات بعض الدواوين في الدولة تعج بجيش من المستشارين، وحتى العسكريون عندما يتقاعدون، تبدأ صلاحيتهم المدنية بمناصب جاهزة لهم، وخير مثال أن أربعة من المحافظين الستة الموجودين حالياً، كانوا ضباطاً قياديين في الشرطة والجيش، وحتى الوزراء بعضهم كان عسكرياً! فمتى سنرى مناصبنا الوزارية وحتى الحكومية يتولاها من تعب وصعد بسلمه الوظيفي منذ بدايته؟

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك