عندما يرتبط أمننا الغذائي بمحصار!.. يكتب حمد العصيدان

زاوية الكتاب

كتب 445 مشاهدات 0

حمد العصيدان

الراي

من زاوية أخرى - عندما يرتبط أمننا الغذائي بمحصار!

حمد العصيدان

 

لأن الأزمات ميدان الباحثين عن التربح، ولو على حساب الدين والأخلاق والوطن، فإن أولئك المتربحين والباحثين عن استغلال وضع الناس، لا يتركون فرصة إلا قفزوا عليها، وركبوا موجتها، وإن لم يجدوها فإنهم يعملون على إيجادها ويضغطون في سبيل وقوع أزمة ليستغلوها.

ومن هذا المنطلق جاءت قضية «الوثيقة المسربة» لأصحاب شركات استيراد المواشي التسعة، الذين وقعوا «تعهد شرف» على وقف استيراد الأغنام الحية من 15 مارس الجاري، وحتى 15 مايو، أي إلى قبل حلول شهر رمضان المبارك بأيام قليلة. وبالطبع لا يخفى عن بسيط التفكير، في أن الهدف هو رفع أسعار اللحوم والذبائح في الشهر الكريم الذي تكثر فيه الولائم والموائد العامرة، وبالتالي تكون وفق رؤيتهم «ضربة معلم» في التحكم بأسعار السوق ويتربحون من وراء ذلك.

ولكن يمكرون ويمكر الله، فانكشفت خطتهم، وجاء تسريب الوثيقة الموقعة ليفضح أساليبهم الشيطانية في استغلال الأسواق، ولعل الله أراد من هذا الكشف، الرحمة بعباده في شهر الصوم، حيث انبرت الجهات الرسمية إلى التصدي للخطة الشيطانية، وأحيل الموقّعون إلى التحقيق في إدارة حماية المستهلك، فيما تعهدت وزارة التجارة وشركة المواشي بضخ المزيد من اللحوم الحية في السوق منعا لأي استغلال. وعندها حاول الموقّعون على الوثيقة، لملمة القضية والبحث عن مخارج لهم مما أوقعهم طمعهم فيه، فادعوا أنهم يقصدون من الوثيقة إرسالها إلى إحدى الجهات المصدرة للأغنام لإجبارها على خفض أسعارها، ولكن تضارب أقوالهم فضحهم، وكشف خطتهم ورد سهمهم في نحور طمعهم.

بيد أن السؤال الذي يطرح نفسه الآن، ماذا لو لم تتسرب الوثيقة ونفذ هؤلاء القوم خطتهم، والجهات الرسمية «نائمة في العسل» حتى إذا جاء رمضان فإذا بالخروف يقفز سعره أعلى مما يقفزه بطل العالم للقفز العالي، وإذا بسعر الخروف يصل إلى 150 دينارا أو يزيد؟ وعندها لن تجدي أي خطوات تتخذها الحكومة في تبريد سخونة الأسعار، فيصبح أمننا الغذائي مرتبطا بمحصار أغنام يتحكم بأسعارها تجار لا يردعهم عن ذلك رادع ديني ولا وطني ولا أخلاقي.

وهل نطمئن إلى أنه ليس هناك سلع غذائية أخرى تحتكر الآن ويجفف السوق منها رويدا رويدا، حتى حلول الشهر المبارك، لتتحكم شركات بالسوق وبالأسعار؟ وما الإجراءات التي تتخذها الحكومة من الآن للتصدي لمثل تلك الخطط الشيطانية؟ إن ما كشفته الوثيقة المسربة يؤكد هشاشة الموقف الرسمي في التعاطي مع المتنفذين والمتربحين وعدم قدرتها على مواجهتهم وهو ما يجب ان يؤخذ بعين الاعتبار.

ولعل ما صدر من بعض نواب مجلس الأمة من مواقف تدعو الحكومة لاتخاذ مواقف حازمة لحماية المواطنين من جشع التجار، يؤكد المخاوف على المستهلكين الذين أصبحوا الحلقة الأضعف في معادلة «التاجر والحكومة» والذين صاروا هدفا لكل إجراء تقشفي من قبل، فدفعوا فاتورة باكورة إجراءات «وثيقة الإصلاح الاقتصادي» برفع أسعار البنزين وما رافقها من ارتفاعات أخرى، وينتظرون دفع فاتورة رفع أسعار الماء والكهرباء التي اقترب موعد تنفيذها، والتي يخدّر فيها المواطن بأنها لن تمسه، ولكنه سيكتشف عند التطبيق بأن لم تمسه فقط، بل طعنت جيبه حتى خرقته وتركته فارغا.

كلمة أخيرة، نهمسها في أذن النواب الكرام، ونقول لهم، لا تركنوا على نصر ما زال حبرا على ورق الصحف، في ملف عودة الجناسي، كانت فاتورته صكا بتحصين رئيس الوزراء من المساءلة، وعليهم أن يتحملوا مسؤولياتهم لحماية المواطن الذي انتخبهم وعقد عليهم آمالا في وقف الزحف الحكومي على جيبه، وهو ما ستكشفه الأيام القليلة المقبلة، حول التزامهم بتعهداتهم أمام الناخبين أم أنهم نسوها

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك