الانتقال إلى نظام رئاسي في الأنظمة الديموقراطية لا شك أنه ظاهرة صحية.. هكذا يرى عبد العزيز الكندري

زاوية الكتاب

كتب 447 مشاهدات 0

عبد العزيز الكندري

الراي

ربيع الكلمات- استفتاء تركيا أقل من 99.9 في المئة

عبد العزيز الكندري

 

«الديموقراطية ليست كقهوة النسكافيه التي تتحصل عليها بمجرد وضعها في الماء الساخن»... المنصف المرزوقي.

لا شك أن ما حدث في تركيا خلال الأيام الماضية كان حدثا ديموقراطيا ملفتا وبارزاً في الوقت نفسه وله ما بعده، خصوصاً بعد محاولة الانقلاب الفاشلة التي حدثت المام الماضي، وهذه المرة الأولى بتاريخ تركيا يتم هذا التغيير بإرادة الشعب، حيث قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعد النتائج: «الدستور كان يتغير في الماضي عن طريق الانقلابات العسكرية، لكن هذه المرة تم تغييره بإرادة الشعب».

ووجه الرئيس التركي رسالة طمأنة إلى الصف الآخر، الذي يتهمه بالشخصنة في التعديلات الدستورية، بقوله «إن التعديلات التي وافق الشعب عليها اليوم لن تدخل حيز التنفيذ الآن، إننا الآن أمام مرحلة جديدة، فكل المواد التي تم تعديلها لن تدخل حيز التنفيذ الآن، بل ستدخل حيز التنفيذ في انتخابات 2019، وسنستعد لها، ولن نعمل فقط عن طريق الشعارات واستغلال المشاعر كما يقول البعض، فسيقوم المرشحون بإعلام الناخبين عبر البرامج والمشاريع الحقيقية».

والتعديلات الدستورية التي تمت، ستمنح الرئيس أردوغان صلاحيات تعيين نواب الرئيس وبعض الوزراء وكبار الموظفين، وسيكون تشكيل الوزارة أو إلغاؤها بمرسومٍ رئاسي، والتعديلات تجعل للرئيس البقاء في السلطة لدورتين كحد أقصى، مدة كل منهما 5 سنوات، ولكن من أبرز التعديلات أن الشباب ستكون لهم الكلمة المؤثرة في قادم الأيام، حيث سيتم خفض سن الترشح لعضوية البرلمان من 25 عاما إلى 18 عاما، والانتخابات البرلمانية والرئاسية ستكون في يوم واحد كل 5 سنوات، وكانت نتائج التصويت على الاستفتاء 51.3 في المئة صوتوا بـ«نعم» لمصلحة التعديلات في مقابل 48.65 صوتوا ضدها.

وقد طعن حزب الشعب الجمهوري في نتيجة التصويت في الاستفتاء على تعديل الدستور، بعد الفارق الضئيل في نتيجة الاستفتاء. واعتبر الحزب أن العملية شابتها تجاوزات. ويرفض حزب الشعب الجمهوري الاعتراف بالهزيمة ويطلب إعادة فرز 60 في المئة من الأوراق. ولكن الملفت في التصويت كذلك، أن المدن الكبرى صوتت ضد التعديلات الدستورية، وهي اسطنبول وأنقرة وإزمير. وأصدرت اللجنة الأوروبية، بيانا عقب إعلان نتيجة الاستفتاء، دعت فيه الرئيس أردوغان إلى احترام الفارق البسيط، و«السعي إلى أكبر توافق ممكن» في تطبيق أحكام التعديلات الدستورية.

من نافلة القول، نقول إن هناك أصواتاً عاقلة متزنة كانت تعارض الاستفتاء، ولها رأي وجيه في عدم تركز السلطة في جهة واحدة، ولكن تنوعها وإعطاء فرصة للمعارضة في المشاركة في اتخاذ القرارات له أثر إيجابي، حيث التوافق جداً مهم في مثل هذه التغييرات المصيرية.

ولكن هناك أصواتاً تتهم أردوغان بـ «الدكتاتورية» من أجل تشويه الصورة والسمعة أمام الإعلام وفي مواقع التواصل الاجتماعي، وفي الوقت نفسه شاهدنا الأشخاص أنفسهم وهم يدافعون عن الانقلاب بكل قوة، ويدعمون الحلول العسكرية!

لقد عانت تركيا في السابق من عدم الاستقرار مراراً، وتكاتف وتعاون الأحزاب لا يستمر بسبب تدخل قوى من خارج الحياة السياسية، مستغلة بعض الانقسامات الموجودة، وهذا بالتالي يضيع من إرادة الشعب، والانتقال إلى نظام رئاسي في الأنظمة الديموقراطية لا شك أنه ظاهرة صحية لو تم عبر القنوات الديموقراطية. وكما أن الرئيس التركي السابق عبدالله غول أبدى تحفظه على الانتقال الى النظام الرئاسي، ولكنه قال إن مناقشة الموضوع مفيدة لمعرفة الآراء المختلفة، وهذه قوة الديموقراطية.

وفي وقت سابق، أعلن أردوغان أنه لن يترشح للانتخابات المقبلة، لأن النظام الداخلي لحزب العدالة والتنمية لا يسمح بالدخول الى البرلمان لأكثر من ثلاث دورات متعاقبة، لمنع احتكار كبار السن للمناصب وفتح الطريق أمام الشباب. وتغيير النظام الداخلي للحزب أمر أعتقد أنه ليس من الصعوبة بمكان، ولكن الرئيس التركي رد على هذا ذلك بقوله، «ان هذا ليس من أخلاقنا».

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك