دولة الدستور والخلافات السياسية.. يكتب خالد الطراح

زاوية الكتاب

كتب 729 مشاهدات 0

خالد الطراح

القبس

من الذاكرة- دولة الدستور والخلافات السياسية

خالد الطراح

 

دولة الدستور، الكويت، لها تاريخ سياسي في تطورها ونشأتها، وعجلة التاريخ لم ولن تتوقف طالما الوضع العام يتطلب تصحيحاً للمسار السياسي وربما نضالاً لا يختلف عن نضال الآباء والأجداد، فمثلما دفع هؤلاء حياتهم ثمناً من أجل الوطن طوال مراحل تأسيس الدولة فلا بد أن يستكمل المسيرة جيل اليوم والغد حفاظاً على مكتسبات ديموقراطية لم تُمنح وإنما اكتُسبت!

تاريخ نشأة الدولة وتطورها حافل بإسهامات وطنية لشخصيات لن تنساها ذاكرة تاريخ الوطن والمواطن وحتى من دخل وقضى عقوبة السجن في السنوات الأخيرة، فالكويت واحة الديموقراطية والإنسانية.

بعد تحرير الكويت استحوذت محاكمات المتعاونين مع الطاغية صدام على متابعة حثيثة واهتمام استثنائي لمنظمة العفو الدولية ومنظمات حقوق الإنسان وكنت حينها حريصاً على التواصل مع هذه المنظمات بصفتي رئيساً للمركز الإعلامي الكويتي في لندن وتزويدها بكل المستجدات من بيانات رسمية وغيرها إلى أن أتت فرصة لا تفوت في تأكيد نزاهة القضاء الكويتي، وهي انتقال محكمة الجنايات، التي تنظر في قضية من نصبه المقبور صدام رئيساً للوزراء أثناء الغزو إلى العاصمة البريطانية برئاسة الأخ الفاضل المستشار نايف المطيرات للاستماع إلى أقوال بعض الشخصيات العراقية الذين تعذر حضورهم إلى الكويت.

خلال تلك الزيارة، اقترحت على المستشار المطيرات عقد مؤتمر صحافي حول قرار المحكمة بالانتقال إلى لندن وشرح الأسباب وحرص المحكمة على تقصي كل جوانب القضية، ووافق، مشكوراً، على الاقتراح وتم تنظيم المؤتمر في مقر المركز الإعلامي بحضور الصحافة العربية والأجنبية الدولية الذي حقق صدى إعلامياً إيجابياً للغاية.

من المؤكد أن هناك سجلاً تاريخياً لعدالة القضاء الكويتي وهو محل اعتزاز وفخر لنا كمواطنين ونظام أيضاً، لكن هناك جراحاً سياسية شهدتها الكويت في السنوات الأخيرة انتهى بها المطاف إلى المحاكم، وهذا الأمر محل تفهم واحترام، إلا أننا نتمنى اليوم السمو فوق هذه الجراح وترسيخ التسامح مع من أنهى فترة عقوبة السجن وطي صفحة سجناء أمن دولة كما تشاء أن تسميها وزارة الداخلية على الرغم من أن التسمية لن تغير في حقيقة الأمر وفقاً لقوانين ومواثيق دولية فهم بالنهاية سجناء رأي!

لنا شهداء ممن كان لهم موقف سياسي مختلف عن رأي سلطة الحكومة، لكن محنة الغزو دفعتهم إلىالدفاع عن الوطن بما يملكون من فكر وانتماء ووطنية دون أن يسيطر على أحد موقف سياسي معين، فسيادة الكويت وشرعيتها كانت نصب أعينهم.

مثل هذا الواقع ينبغي ألا تغيبه الجراح السياسية مهما كان حجمها وألا يطغى على الساحة الإمعان في الخصومة، فقيم المجتمع ودروس التاريخ حافلة بالجراح والنضال لكنها لم تغير في مضمون العقدين الاجتماعي والسياسي بين الشعب والنظام، وهو ما نتطلع إلى أن نلمسه على أرض الواقع مع خروج من أمضى عقوبة السجن كالأخ الفاضل مسلم البراك. لنبرهن للعالم أننا موطن للتسامح والحريات الدستورية وأن الكويت تتسع لجميع الآراء حتى لا نصبح أسرى للجراح السياسية. ولنبرهن أن المثل العربي «كلما داويت جرحاً سال جرحٌ» لا ينطبق على دولة الدستور (الكويت)، ففرح ذوي مسلم البراك (بوحمود) ومؤيديه أمر مشروع والساحة السياسية تتسع لأبي حمود وغيره أيضاً.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك