عدنان فرزات يكتب.. الفرق بين الحب والمحبة

زاوية الكتاب

كتب 538 مشاهدات 0

عدنان فرزات

 

القبس

الفرق بين الحب والمحبة

عدنان فرزات

 

الحب يختلف عن المحبة، فالأول هو حالة خاصة بين شخصين فقط، قد يهيم أحدهما بالآخر، وقد يتزاعلان فيفضح كل منهما الآخر على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي أقصى حالاته قد ينزل العاشق إلى الشارع كما فعل سفاح كليفلاند بأميركا الذي أطلق النار عشوائياً على الناس، وللعلم فقد عالج الكاتب جان بول سارتر هذه الحالة النفسية من قبل عبر شخصية في قصة «أروسترات»، حيث ينزل بطل القصة إلى الشارع ويطلق النار في كل اتجاه. ولكن عندنا لا يصل العشق إلى هذه الدرجة، فأقصى ما يفعله العاشق هو عمل «بلوك» على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي أسوأ الحالات ينشر صور محبوبته التي أرسلتها إليه في لحظة غنج، لأن الذين يطلقون النار عشوائياً عندنا غالباً ما يقصدون مساجد أو كنائس، ولو أن العشق عندنا يصل إلى مرحلة الجنون، لفخخ العاشق نفسه ونسفها في تجمع للأبرياء.

أما المحبة فهي أمر مختلف تماماً عن الحب. المحبة هي حالة أسمى بكثير من الحب، لأنها حالة عامة وجماعية وتتعلق بشعوب كاملة، ولكن للأسف فمناهجنا العربية تدرس الحب ولا تدرس المحبة، فلدينا الكثير من قصص الحب العربية والأجنبية التي تحرض على الجنون، مثل مجانين الشعراء العذريين، أو قصص حب اسطورية مثل روميو وجولييت. أما قصص المحبة فهي نادرة وقد لا توجد، وأقصد المحبة بين الشعوب، فهل يعقل أن الشعوب أمضت تاريخها كله في حروب وقتال؟ هذا ما تريد مناهج التدريس قوله، فهي لا تدرس عن العلاقات الجيدة والمثمرة التي كانت قائمة بين الشعوب، ربما عدا «طريق الحرير»، وحتى عندما تريد التحدث عن زواج جرى بين ملك من تلك الدولة مع ابنة ملك من دولة أخرى، فإنها تحدثنا عن غزوة قام بها الأول ليسبي ابنة الثاني. فمناهج التاريخ تختار جزئية الحروب فقط والنزاعات على الحدود والطعن بالرماح والسيوف أو الدك بالمدافع والطائرات لتكون بمنزلة تجديد للكراهية ونقلها من جيل إلى آخر.

لذلك فحين يلتقي شخصان من شعبين كانت بينهما حروب في الماضي، فإنهما يتحفزان أو يتشاجران، وقد يصل الأمر لدرجة أسخف من ذلك، فقد حدث أن رجلاً كان ينتقد المبالغة في حكاية عنترة بن شداد، واعتبر أن القصة لها مثيل في التراث الفرنسي لبطل يدعى رولان، فما كان من أحد الموجودين إلا أن صفعه بالكتاب الذي بيده قائلاً: «أتشكك في حقيقة جدي».. صفعه بالكتاب لأنه مثقف!

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك