سفراء لنا غير كويتيين.. بقلم خالد الطراح

زاوية الكتاب

كتب 537 مشاهدات 0

خالد الطراح

القبس

من الذاكرة-سفراء لنا غير كويتيين

خالد الطراح

 

بكلمات حضنها الصدق ولفها الشعور بالعرفان إلى أرض ترعرع فيها وحصد فيها النجاح العلمي كما تمنى والداه.. محققا حلما لأفراد عائلة شاءت الأقدار أن يغتربوا عن موطنهم الأصلي لكنهم زرعوا علاقة استثنائية مع شعب الكويت بمختلف شرائحه، حتى اكتسبوا احتراما ومودة إنسانية فرضت نفسها على الواقع.. لم تكن أبدا محل مساومة أو مقايضة أو حتى السعي والتفكير بالحصول على الجنسية الكويتية مقابل سنوات من العمل المخلص في الكويت وبين أهلها.

دولة الكويت كانت ضمن السطور الأولى التي نطق فيها فراس فهد أبوشعر، ابن مدير عام شيراتون الكويت، خلال حفل التخرج أخيرا من جامعة بيركلي الأميركية العريقة، الذي حضره حشد كبير من عمالقة العلم والفكر، وكذلك الطلبة المتفوقون من خريجي تلك الجامعة التي فتحت أبوابا من النجاح وفرص العمل لعدد هائل من المخترعين والباحثين والمبدعين.

الكويت لم تغب يوما عن والد فراس، الأخ العزيز فهد أبوشعر، سوري الجنسية وكويتي الهوى، ولم تغب الكويت عن وجدان الشاب الخريج فراس حين اختار سرد قصة نجاحه وتفوقه من جامعة بيركلي.

سارة شقيقة فراس كانت أيضا من بين المتفوقين الأوائل من جامعة هارفارد الأميركية، وهي أيضا من الجامعات العريقة والمرموقة علميا، التي تباهت بجنسيتها العربية قبل السورية.. وتحدثت أيضا باعتزاز وفخر عن سنوات من التعليم ومهد الطفولة والنضوج في الكويت.

فراس وسارة حين أهديا كلاهما نجاحهما إلى أسرتهما الصغيرة، لم يغب عنهما وهما يسطران بأيديهما وليس بإملاء من أبويهما، لم يغب عنهما اسم الكويت، الأسرة الكبيرة، فقد حرصا أمام مزيج من الجمهور الأميركي والأعراق المختلفة التعبير عن حبهما للكويت وأهلها وحنينهما لذكريات في ربوع الكويت!

أثناء حفل التخرج، تحدث فراس أبوشعر باحتراف جاذبا الانتباه إلى ما يجول في خاطره وخاطر الشباب أمثاله.. منددا حينا بحالات التمييز والاضطهاد العنصري والإرهاب.. وداعيا حينا آخر للسلام بين مجتمعات العالم والتسامح بين الأديان أيضا!

فراس وسارة سفيران للكويت لا يحملان الجنسية، لكنهما يحتضنان حبا للكويت وأهلها من دون أي مقابل سوى الانسجام مع نفسيهما وحقيقة مشاعرهما.. مشاعر أسرة فهد أبوشعر.

المفارقة أن هناك بعضا من منحوا الجنسية الكويتية من جنسيات عربية، وهم يتفنون بالتكسب من وراء الجنسية وعقولهم وولاؤهم ليست للكويت، حتى ربما أبناؤهم! يطغى عليهم الحنين والانتماء لأرض أخرى ودماء غير كويتية، فيما يغيب عندنا الاعتراف بوجود سفراء غير كويتيين يعشقون الكويت وشعبها دون أي مردود مادي أو سياسي!

من المؤكد أن كلمات كل من فراس وسارة ستظل محفورة في أعماق من سمعها حينذاك، ومستقبلا أيضا، فهي كلمات عبرت عن مشاعر أسرة كاملة.. عاشت في الكويت وأحبتها على الرغم من غربتها الطويلة عن وطنها الأم.

أمثال هؤلاء يستحقون كلمات الامتنان والشكر، وليس بالضرورة منحهم الجنسية، فولاؤهم وحبهم للكويت لن يختلف بالجنسية أو من دونها.. فهم أصحاب العرفان لشعب غمرهم بالدفء الاجتماعي والود وليس لمن تنكر بالأمس البعيد للكويت، ومن غير المستبعد أن يحملوا هذا النكران إلى الأبد!

ندعو بالتوفيق لفراس وسارة، ابني الكويت، وتهانينا للأخ فهد وحرمه بفرحتهما بتحقيق أحلامهما وأمنياتهما.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك