عدنان فرزات يكتب.. كم عدد زوجاتك؟

زاوية الكتاب

كتب 782 مشاهدات 0

عدنان فرزات

القبس

كم عدد زوجاتك؟

عدنان فرزات

 

رغم كل مظاهر التطور التقني والعصري الذي تعيشه معظم الأقطار العربية اليوم، فإن الصورة النمطية التقليدية المأخوذة عنا لدى الكثير من أهالي الغرب بأننا ما زلنا نعيش في خيام ونضرب أكباد الإبل في رحلاتنا، ورجالنا يتزوجون مثنى وثلاث ورباع.

لو أن هذه الصورة تصدر عن العوام من الغربيين لقلنا إنهم ربما يجهلون الحقيقة لقلة اطلاعهم أو لأنهم لم يشاهدوا من العرب سوى مسلسل «باب الحارة». بالمناسبة، فإن المسلسل الأخير شوه صورة الشام بشكل كبير، وحصر كل حضارة دمشق في حارة صغيرة فيها الحلاق هو الطبيب، رغم أن عباقرة العلم ظهروا من الشام في تلك الفترة التي يتحدث عنها المسلسل «المطاط».

نعود إلى موضوعنا، فلو أن الصورة النمطية موجودة عند العوام من أهل الغرب فقط لهان الأمر، ولكن ما حدث أمامي يدعو إلى الدهشة، فإحدى الشخصيات الرفيعة المستوى علمياً ودبلوماسياً التقيت به في مؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني المرموقة في بروكسل قبل نحو خمس سنوات، وكنت بصحبة رجل أعمال عربي شهير، فبادره المسؤول الغربي بسؤال غريب: «كم زوجة لديك؟». وكان رجل الأعمال يتمتع بروح رشيقة، فأخذ يعد على أصابعه والمسؤول الغربي يصدقه حتى وصل إلى الرقم أربعة، فلم يتمالك نفسه رجل الأعمال من الضحك ثم أخبر مضيفه بالحقيقة بأنه ليس لديه سوى زوجة واحدة يحبها جداً ولم يأت لها بضرة رغم ثرائه، حيث وقفت معه أيام الشدة.

لم تظهر علامات التصديق على المضيف الغربي، ولكنه من باب الدبلوماسية قبِل الجواب وبلعه صامتاً. هذه الصورة تمتد إلى شريحة واسعة من الغرب، حتى أن رسامي الكاريكاتير عندما يريدون أن يرسموا رجلاً عربياً، فإنهم يجسدون شخصاً يمتطي الناقة بلباس قديم من أيام حرب داحس والغبراء، رغم أن كل المقاتلين الذين يشاركون في القتال الدائر اليوم في أقطار عربية، سواء من أهل المكان أو الذين جاؤوا من الغرب، يرتدون بدلات عسكرية حديثة ويجربون مختلف الأسلحة الحديثة التي صنعت في الغرب ولا يستخدمون القوس والسهم إلا في رسمات قلوب الحب. كذلك، فإن العرب أكبر مستهلك للسيارات ولولاهم لأفلست مصانع السيارات، لأن حتى المسؤولين الكبار هناك يستقلون المترو أو حتى الدراجات الهوائية. أي أنهم يبعوننا السيارات ويرسموننا فوق.

مع ذلك، فإن اللوم لا يقع على الغرب في هذه النظرة، فطالما نحن نستخدم الثروة للاستهلاك وليس للإنتاج، فسنبقى في أنظارهم «عكيد الحارة».

 

 

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك