القراءة على «التناكر».. يكتب عدنان فرزات

زاوية الكتاب

كتب 433 مشاهدات 0

عدنان فرزات

القبس

القراءة على «التناكر»

عدنان فرزات

 

ليست لديّ إحصائية بعدد الأشخاص ضحايا دجالي الرقية الشرعية، الذين حولوها إلى تجارة، وهم غير مؤهلين لها، ولكن بإمكاني تخمين ذلك من خلال آخر ابتكارات هؤلاء، الذين بعضهم لا ينطق القرآن الكريم بشكل سليم.

آخر هذه الابتكارات هو القراءة على خزان المياه. هذه ليست مزحة ولكنها حقيقية، حيث قام أحدهم بتوثيق محادثة هاتفية في مقطع فيديو، يتحدث به مع شخص وضع إعلاناً بأنه يقرأ على خزانات المياه، فيسأله عن السعر فيطلب صاحب الإعلان منه صفات الخزان، فيجيبه بأنه دوبلكس، فيطلب سعراً قدره 900، وعذراً لعدم تحديد نوع العملة، لأن جنسية البلد ليست هي المهمة، بل العقول المتشابهة المنتشرة في كل مكان، فيطلب المتصل منه تخفيض المبلغ، فيرفض صاحب الإعلان بجلافة: «عجبك أم لم يعجبك هذه أسعارنا»، وأعتقد أن أكبر جني سيهرب من طريقة هذا الرجل بالرد، لأنه حين سأله من جديد عن موعد حضوره للقراءة على الخزان، أجابه: «بعد أسبوعين».. أي أن الجني سوف يمكث في الخزان أسبوعين كاملين مستمتعاً بالماء في هذا الجو الحار، علماً بأن الخزان غالباً ما يكون على السطح، أي هو ماء مغلي، ولكن لأن الجني مخلوق من نار فلن يتأثر، فالخزان بالنسبة له بمنزلة البانيو، أمام الجني 14 يوماً للاستمتاع بهذه الساونا قبل أن يأتي صاحب الإعلان ليحرمه هذه النعمة.

المشكلة أن هناك قنوات تلفزيونية لها المهمة «السحرية» نفسها، ما تزال تعمل رغم صدور قرارات بمنعها، وما زالت الإغراءات تملأ هذه الفضائيات عن فك المربوط، وربط المفكوك، وجلب الغائب، والتزويج عنوة للفتاة الرافضة لعريس، لأن ربطة عنقه لا تتطابق مع لون البدلة، وكان الأولى بالعريس أن يغير الربطة، فذلك أرخص من أن يدفع مبلغاً ضخماً، ويضطر إلى قص خصلة من شعره، وتضطر والدته إلى التحايل على الفتاة لأخذ أثر منها لدواعي السحر، أو تذهب إلى الكوافيرة، التي تقص الفتاة شعرها عندها، لتنتظر كناسة الأرض للحصول على خصلة شعر من شعرها. الأمر لا يكلف أكثر من ربطة عنق ملائمة وحمام ورشة عطر. أما أن يطلب يد الفتاة، وهو يرتدي كل الألوان التي على حبل الغسيل، فلن يقدر أكبر ساحر على إقناع الفتاة به.

الرقية الشرعية أبسط من ذلك بكثير، فبإمكان أي شخص أن يرقّي نفسه بتلاوة القرآن الكريم، ويكون قلبه مطمئناً لله عز وجل بأن الشفاء من لدنه وحده، ولا حاجة لأشخاص يفتحون مكاتب ويقرؤون على «التناكر».

 

 

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك