لماذا لا يزور أغلبية العرب المتاحف في البلدان التي يسافرون إليها؟.. عدنان فرزات متسائلا

زاوية الكتاب

كتب 595 مشاهدات 0

عدنان فرزات

القبس

سؤال الشاعرة أفراح المحرج

عدنان فرزات

 

سؤال رشيق، لكنه عميق، طرحته الشاعرة الشيخة أفراح مبارك الصباح على صفحتها في «فيسبوك» كالآتي:

«بالعامية: ربعنا ليش ما نشوفهم بالمتاحف والأماكن الأثرية؟! لما أروح متحف تلاقي البروشورات بكل اللغات الأساسية إلا العربية».

هذا السؤال يشمل كل العرب، وقد جاء كما يبدو بمناسبة موسم الصيف والسفر، وعلى الرغم من عفوية الطرح الذي أرادته الشاعرة أفراح، فإنها أمسكت بدبوس وفجّرت به بالوناً صامتاً، وأول إجابة تتوارد إلى الذهن هي أن المسافر العربي بمجرد جلوسه في الطائرة المتجهة إلى بلد غربي يبدأ بمطالعة الكتيبات السياحية من جيب المقعد الذي أمامه، باحثاً عن أماكن التسوق والتسلية، التي لا يلام أيضاً في البحث عنها، وهو الهارب من النكد والرتابة، وبمجرد وصوله إلى الفندق، إذا كان المسافر رجلاً، والوقت ليلاً، ألقى حقيبته في الغرفة ثم سرّح شعره بأصابعه ورشق وجهه بالقليل من الماء ونزل للسهر. أما إذا كانت المسافرة امرأة والوقت ليلاً، فتبقى نصف نائمة ونصف مستيقظة لغاية بزوغ الصبح، فتنزل إلى مطعم الفندق لتتناول إفطارها بعيداً عن رقابة دكتور «الدايت» في بلدها، ثم تخرج للتسوق من المحال نفسها، التي توجد لها فروع في بلدها. الماركات والألوان نفسها، ولا تختلف سوى المقاسات!

ونأتي على الجد، صحيح: لماذا لا يزور أغلبية العرب المتاحف في البلدان التي يسافرون إليها؟ والجواب أنه من الأولى لهم زيارة متاحفهم التي في بلدانهم أولاً، فهم لا يعرفون شيئاً عن تاريخ أو تراث بلدانهم إلا على الورق في كتب المدارس، وربما نادرون جداً من كلفوا أنفسهم عناء التوجه إلى المتحف لمشاهدة ما تركه الأجداد من عظيم صنائعهم، على الرغم من أن متاحفنا لا ازدحام عليها، فهل نتوقع منهم أن يقفوا في طابور طويل ينتظرون دورهم لدخول المتحف؟

لذلك، لم يشعر أحد بفداحة ما حصل من سرقة للآثار وتدميرها في البلاد العربية، التي شهدت أحداثاً دامية، كانوا يدمرون الآثار والناس يتفرجون على أنها «شوية» حجارة منحوتة لا أسف عليها.

في إحدى المرات زرت مدينة أثرية عربية، وفوجئت بأن سائحاً أجنبياً يعرف عنها أكثر مني، وقال لي إن مشكلتكم أنكم لا تزورون آثاركم، وللمصادفة وجدت مجموعة من العرب يتجولون في المقابر الأثرية، فتفاخرت بهم، وكي أكذب أقواله، اقتربت منهم لأتحدث معهم، فأخبرني كبيرهم بأنه عليّ الابتعاد عن المقابر الآن، لأنهم يقومون باستخراج سحر مدفون في هذه المقبرة!

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك