وداعاً حبيبنا وليد العلي

زاوية الكتاب

نايف العجمي يرثوه: عرفته وسطياً معتدلاً يمقت التحزب ويرفض التعصب

كتب 1538 مشاهدات 0


وداعا حبيبنا وليد العلي

بقلم أخيك المحب/ نايف بن محمد العجمي

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه .

وبعد : فقد ذهب الذهول بلبّي ، واعتصرت الفجيعة قلبي ، وأنا أستقبل عبر وسائل التواصل ، نبأ الاعتداء الأثيم ، على حياة الأخ الحبيب ، الشيخ وليد العلي ، ورفيقه الأديب ، الشيخ فهد الحسيني ، لقد كان نبأ مزلزلا ، وحدثا مجلجلا ، أصاب الكويت في قلبها ، واهتزت له أركانها ، فإذا هي جسد واحد ، يتداعى بالألم والحزن والأسى .

حاولت بعد تلقي هذا النبأ ، أن أكتب شيئا عن الشيخ وليد العلي - رحمه الله - لكني لم أستطع ، كنت أشعر أن أثر الفجيعة به في كياني وفي جَناني ، فوق أن يبلغه بياني أو بناني ، وبقيت على هذا الحال ، يُلجمني الصمت ، وتخنقني العبرة ، حتى عزاني بعضَ العزاء ، وواساني بعضَ المواساة ، ما رأيته من ثناء الناس عليه ، ودعائهم له ، وما لمسته من دلائل التأثر والتفاعل ، عبر مختلف مواقع التواصل ، ورجوت أن يكون ذلك من عاجل بشرى المؤمن ، فكان أن غالبت صدمتي ، واستنهضت طاقتي ، وأخذت أكتب عنه هذا الرثاء ، الذي أحاول أن أهوِّن عن نفسي به ، أكثر من كوني أتحدث به عنه .

لم يكن الفقيد - رحمه الله - مجرد فرد من الأفراد ، أو رقم من الأرقام ، بل كان شخصا متميزا متألقا ، متساميا محلقا ، كان أنموذجا رفيعا في كل حالة من حالاته ، ومرحلة من مراحل حياته .

كان - رحمه الله - مثالا متميزا في أخلاقه ، يتوخى ما يَحسُن ويُستطاب ، ويتوقى ما يُذَم ويُعاب ، لا تسمع منه كلمة نابية ، أو لفظة جافية ، ولا تراه إلا هاشًّا باشًّا ، يستقبل من يعرف ومن لا يعرف ، بوجه طلق ، وابتسامة وضيئة ، وكلمات عذبة لطيفة ، كان كريم النفس ، نبيل الطبع ، لطيف المعشر ، لين الجانب ، عفيف اللسان ، سليم الصدر ، لا أذكر أنه خاصم أحدا ، أو تكلم فيه ، أو آذاه ، أو أساء إليه ، كان سهلا قريبا ، متواضعا حبيبا ، تأنس النفس لرؤيته ، وتستريح لمجالسته ، ولذلك اجتمعت القلوب على حبه ، وحزنت على رحيله .

وكان مثالا متميزا في دراسته وتحصيله ، حيث يمم بعد المرحلة الثانوية شطر المدينة المنورة ، للدراسة في الجامعة الإسلامية ، وعلى مقربة من المسجد النبوي الشريف ، وبين الجامعة المنيفة ، والروضة الشريفة ، نما وترعرع ، وزكا وأينع ، وراح يصعد السلم وثبا ، ويعب المعرفة عبا ، حتى حصد البكالوريوس ، والماجستير ، والدكتوراه ، وظفر بجائزة المدينة للتفوق والنبوغ .

وكان مثالا متميزا في العطاء ، فبعد أن عاد من رحلته الدراسية في المدينة المنورة ، كان المسجد الكبير في الكويت ، هو المكان اللائق به ، فكان أول كويتي يُعهد إليه بإمامته، ليهطل غيثا صيبا ، على البلد الطيب ، الذي يخرج نباته بإذن ربه ، وقد كان بحمد الله ، وحسبك مجالس السماع لدواوين السنة النبوية ، التي ذاع صيتها في كافة الأقطار .

وامتد عطاؤه إلى الكلية التي ابتعثته ، فأقبل على التدريس فيها بروح وثابة ، فكان مثالا في كل شيء ، في التحضير المتقن ، والأداء المميز ، والانضباط في الوقت ، والقرب من الطلاب ، والحرص على تعليمهم وتوجيههم ، وحسن اللقاء بزملائه ، والتودد إلى إخوانه ، حتى صار حبيب الجميع.

وكان مثالا متميزا في دعوته ، يدعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة ، والأساليب اللينة المستحسنة ، وكان يحرص على دعوة الجاليات ، ويهتم بتعليم الطلاب الوافدين ، حتى صار لهم أبا ، بعد أن كان معلما ، ولم يقف به طموحه عند حدود بلده ، بل راح يتنقل في البلدان ، يقيم فيها الدورات ، ويلقي المحاضرات ، ويدعو إلى الله ، ويقدم …

الآن

تعليقات

اكتب تعليقك