كلنا شركاء ضد الغلو.. يكتب خالد الطراح

زاوية الكتاب

كتب 396 مشاهدات 0

خالد الطراح

القبس

من الذاكرة-كلنا شركاء ضد الغلو

خالد الطراح

 

«ترسيخ قيم الوسطية والأخلاق الإسلامية، ونشر الوعي الديني والثقافي، والعناية بالقرآن الكريم والسنة النبوية، ورعاية المساجد، وتعزيز الوحدة الوطنية من خلال تنمية الموارد البشرية، وفقا لأفضل الممارسات».

لخصت وزارة الأوقاف رؤيتها بحسب الموقع الإلكتروني بالفقرة السابقة، فيما حددت القيم بالتميز والعمل المؤسسي والشراكة والوسطية والشفافية والمسؤولية.

لا نختلف مع رؤية الوزارة ولا القيم، لكن هناك ما يستدعي الوقوف عنده، وهو عناصر القيم، حيث إن العناصر سالفة الذكر ربما واضحة لدى الوزارة، أو من يعمل ضمن محيطها، لكنها بالتأكيد غير واضحة لنا كشعب شريك في التنفيذ والمسؤولية!

فعلى سبيل المثال وليس الحصر، ما هي استراتيجية التنفيذ؟ وما هي آلية العمل؟ بهدف تحقيق الشراكة مع الجمهور المستهدف إذا كان المقصود بالجمهور هو الشعب وليس فقط ضحايا التطرف والغلو.

الاستراتيجية غير واضحة ولا آلية العمل وهو ما يقود إلى التساؤل ماذا سيقدم رئيس مركز تعزيز الوسطية أثناء مشاركته في مؤتمر الزائر الدولي في أميركا الذي يعقد تحت عنوان «أصوات ضد داعش»؟!

كأي مهتم بدعم الاعتدال الفكري والسلوكي، تصفحت مواقع التواصل الاجتماعي لمركز تعزيز الوسطية وفعاليات وزارة الأوقاف ولم أجد سوى معلومات بعضها إرشادي المضمون، والآخر محاضرات لشيوخ دين لم يكن بينهم شخص واحد غير ملتح، أو مختص بعلوم الاجتماع والنفس والأدب والإعلام غير الديني الذي تحتضنه الأوقاف!

مع كل التقدير للاخوة من دعاة وشيوخ دين في التوجيه، لكن هل هذه الفئة هي فقط القادرة على مناقشة التطرف؟ هل هم فقط المختصون في الحوار مع المتشددين، سواء من هم خارج أسوار السجن أو خارجه؟

أسوق مثالا علميا ومنهجيا عن الغلو، الأخ العزيز الدكتور خليفة الوقيان، له إصدارات ومؤلفات عديدة، لعل أبرزها «الثقافة في الكويت»، نتيجة اهتماماته في التصدي للغلو، وهناك طبعا من اختلفوا ويختلفون معه فكريا إلى اليوم، ولكن هذا لا يعني أن أمثال الدكتور الوقيان، والأخ الدكتور سليمان الشطي وآخرين من الأدباء والمفكرين والكتاب الذين يمكن أن يثروا العمل نحو الاعتدال الفكري وأهداف الوسطية المنشودة، إلا في حالة أن ثمة شروطا لا تنطبق عليهم!

المفكر السعودي تركي الحمد، له أيضا إسهامات علمية ثرية توجت بمؤلفات عديدة من بينها «ويبقى الكتاب مفتوحا» و«عن الإنسان أتحدث» و«السياسة بين الحلال والحرام».

غير هؤلاء هناك مستشرقون، منهم برنارد لويس الذي ترجم مؤلفه الأخير عن «الإيمان والقوة» حول الدين والسياسة في الشرق الاوسط، ماذا يعني ذلك؟ يعني أن مصادر تصدير الوسطية والاعتدال لا تحددها جنسية ولا الشكل، ولا بالضرورة شروط دينية، أو من ينطبق عليه لقب داعية أو شيخ دين، فالشراكة تقتضي إشراك مصادر فكرية متنوعة ومتعددة أيضا، من أجل ترسيخ صوت العقل والاعتدال في الأذهان والتصدي للغلو والنزعات الانتحارية باسم الجهاد!

رؤية وزارة الأوقاف تحتاج إلى إعادة نظر، بدءا من منهجية العمل والاختيار في برامجها، خصوصا برنامج المناصحة، فأبرياء العالم ينحرون على يد من أطلقوا لحاهم وغرروا أيضا بالشباب، وهو ما يعني أن الوسطية ليست بالشكل ولا بالتخصص والمنهج، وإنما في من هو قادر على مناقشة بواطن الغلو في عقول مشتتة ومضطربة.

حتى الأطفال ممكن أن يكون لهم دور مؤثر في تعزيز الوسطية بلغتهم وليس بلغة تملى عليهم!

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك