تحديات الجمعية اللبيرالية الكويتية- يكتب عنها د.علي الطراح

زاوية الكتاب

كتب 1424 مشاهدات 0


عندما تلقيت خبر تأسيس واشهار الجمعية الكويتية للحركة الليبرالية أصبت بالدهشة ، الا ان مؤسسيها وبالأخص الأخ العزيز أنور الرشيد ، الانسان الذي نذر حياته لأجل الإصلاح الوطني ، والذي خاض تجارب عديدة ومتنوعة ولم يخترقه سهم اليأس ، بل كان الاحباط المتراكم بمثابة الأمل الذي تعلق به ، ونذر نفسه لتحقيقة ، وها هو اليوم وصل إلى إنجاز لا مثيل له ، في وقت نشعر طواحين الاحباط تخترق عقولنا وقلوبنا ، وتجعلنا غرباء في وطننا.

تأسيس الجمعية الليبرالية الكويتية واشهارها من وزارة الشئون الاجتماعية في دولة الكويت هي خطوة شجاعة تعكس حرص القيادة السامية على أهمية التنوع الفكري في النهوض بالمجتمع وبمؤسسات الدولة ، فالشكر الكبير لكل من ساند وساعد في الاشهار.
كنت أقول دائما إنتا أمة تعيش خارج الزمن ، فالقطيعة بيننا وبين العالم توسعت ، ونمت أفكار الدمار والشر ، وأندفعت لتخترق عقول شبابنا في بقاع الأرض ، وكانوا هم ضحايا لتشويش فكري دفعهم نحو الهاوية ، ودفعهم نحو اختيار عيش مرارة وألم الغربة والتهميش في أوطانهم.

عشنا مراحل مريرة ، عندما ترفع شعارات مثل كرامة الإنسان ، واحترام المعتقدات الفكرية بتنوعها لكونها ضمان الحياة لنا جميعا ان نعيش بحالة تصالح مع النفس والآخر.

الهجمة كانت كبيرة سواء من هؤلاء الذين يقفون بقوة نحو تشويه الأفكار الليبرالية ، وتصويرها بحالة عداء مع الدين والتراث ، كما كانت إسهامات بعض من أدعى أعتناقه لليبرالية أشد من معاديها حيث هم من أساء أكثر من أعدائها.

يقول لنا التاريخ أن الحركة الليبرالية جاءت على يد جون لوك في القرن السابع عشر ، وأنها تبنت تعميق فكرة كرامة الإنسان وحقه في التعبير والأتجاه نحو دولة المواطنة والمؤسسات ، إلا أنني على قناعة أننا نحمل تارخ ثري بالأفكار التي حققتها حضارتنا العربية والإسلامية التي عززت الإبداع والأنطلاق نحو الفضاء بتنوعاته الفكرية. وبناء كرامة الإنسان ، فبدون منازع ، جاء ديننا الاسلامي بقيم إنسانية تحفظ للإنسان كرامته ، وتقوي من صلابة البناء الاخلاقي للشخصية.

واليوم ونحن نشعر بفرحه تُعبد لنا الأمل ، وتشرق الشمس من الكويت لتقول للعالم أننا نحترم كل الأفكار ، وأن لا مفر لنا إلا من بناء العقول المنفتحة ، والمدركة لمسئوليتها الوطنية لبناء وطن تغطيه سماء المحبة.

وأختم قولي بأن الجمعية الليبرالية الكويتية عليها مسئوليات كبيرة ، وتحديات أشد تتطلب منها الفطنة في كيفية الموائمة بين هويتنا وتراثنا والحداثة ، فالأمة التي تتجرد من هويتها ، لا مكان لها في عالم يعج بموجات عاتية من عنف العقول. ولنتذكر البناء الأخلاقي الذي أوصانا به سيد المرسلين بقوله :إنما بعثت لإتمم مكارم الأخلاق .

الدكتور:علي الطراح : أستاذ علم الاجتماع بجامعة الكويت ، سفير اليونسكو ومستشار للمنطقة العربية سابقاً

الآن - د.علي الطراح

تعليقات

اكتب تعليقك