رسالة إلى مجلس التخطيط الجديد.. يوجهها صلاح العتيقي

زاوية الكتاب

كتب 615 مشاهدات 0

د. صلاح العتيقي

القبس

رسالة إلى مجلس التخطيط الجديد

د. صلاح العتيقي

 

 

لقد كتبت في هذا الموضوع المهم والحيوي قبل بضع سنين، ولكن مع الأسف لم أجد تجاوباً لإصلاح المسار.

أيها السادة.. التخطيط منهج ونظام للتعامل مع المستقبل من خلاله تتحقق الغايات والأماني والأحلام، فلم يعد المستقبل ذلك المجهول، فعمل الْيَوْمَ هو نتاج تخطيط الأمس، لقد كانت الكويت سباقة في هذا المجال فقد بدأ مجلس التخطيط بالسبعينات من هذا القرن ولقد كان المأمول أن تصبح الكويت في مصاف الدول المتقدمة لو نُفذ ما في الكراسات الجميلة الموضوعة ربما على الأرفف، ونظرة متجردة لمسيرة المجلس نكتشف الآتي: الخطة الخمسية الأولى 1968 – 1972 لم ينفذ منها شيء تقريباً، لأنها عبارة عن رغبات وأمانٍ وليس ما هو ممكن. الخطة الخمسية الثانية 1976 – 1981 وأهدافها توسيع القاعدة الإنتاجية وتنويع مصادر الدخل والتطوير الحضاري والبيئة المحلية لم يكتب لها النجاح لافتقارها للجهاز المؤمن بضرورة التغيير، الخطة الخمسية الثالثة 1981 – 1986 لها نفس الأهداف وبها بعض التفصيل للمشاريع الانشائية، أيضاً لم يُكتب لها النجاح لافتقارها لعوامل الإلزام. الخطة الخمسية الرابعة 1986 – 1990 واجهت تحديات كثيرة كاختلال التركيبة السكانية وتزايد الإنفاق الحكومي على المرتبات وزيادة أنماط الاستهلاك مما أوقع الدولة في عجز اعتباراً من 1981 وزاد الامر سوءاً بتدني الوعي بفلسفة الخطة وأهدافها. الخطة الخمسية الخامسة 1992 – 1996 وأطلق عليها الوثيقة الوطنية للإصلاح والتنمية، لا أستطيع أن أذكر ما قيل فيها في مقال محدود ولكن قيل في مقدمتها إنها ستكون منهاج عمل تخطيطياً ليتمكن الاقتصاد الكويتي من الانطلاق وهنا أيضا لم يتحقق شيء، الخطة 2000 – 2005 وتتضمن برامج لمواجهة الأزمات الاقتصادية وتنمية الإيرادات غير النفطية وترشيد المصروفات العامة وضبط الإنفاق والمحافظة على استقرار صرف الدينار وإعطاء دور كبير للقطاع الخاص وتطوير الكوادر البشرية القادرة على إدارة عملية التنمية.

الخطة 2009 – 2014 أهدافها رفع الناتج المحلي ومشروع مدينة الحرير، بناء منتجعات، ومحميات طبيعية، ومدينة أعمال، ومعارض دولية، مدينة رياضية، ومدينة ثقافية، ومدينة للأفلام، وسكك حديدية ومترو، وبرج مبارك الكبير الذي من المفترض أن يكون الأعلى في العالم، مما سيوفر ٤٥٠ ألف فرصة عمل للشباب الكويتي.

الخطة 2015 – 2020 هدفها مواجهة التحديات للتنمية الاقتصادية، تطوير البنى التحتية وإشراك القطاع الخاص في توليد الطاقة الكهربائية وتكملة المطار الجديد واستكمال المدن الجديدة.

بالله عليكم هل تحقق شيء من هذه الخطط وهذا المجهود الذي استغرق أكثر من أربعين سنة؟

لقد كتبت بالسابق أن هناك فجوة كبيرة بين التخطيط والتنفيذ، بين الإرادة والفعل. ما يحيرني كثيراً هو أن العقبات التي تواجه التخطيط في جميع دول العالم هي الأمور المالية كالميزانيات المعتمدة لهذه الخطط، ولكن هذه الأموال متوافرة لدينا، فما الذي يمنعنا من التنفيذ؟ لا أدري. وأبسط مثال على ذلك أن الكويت ليست بها جامعة متكاملة مثل بقية دول العالم، وليس بها مطار محترم مثل بقية العالم، أيضاً وليست لها خطة صحية بل بناء عشوائي للمستشفيات.

إننا نفتقد الالتزام وعنصر المتابعة والمحاسبة على التقصير، ونفتقد الرجل المناسب بالمكان المناسب، يجب أن يكون للمجلس أسنان وقوة إلزام وتنفيذ، أما المراهنة على أن الزمن سيحل جميع المشكلات فهذا ضرب من الخيال.

يا سادة.. إن الرخاء الاقتصادي غير مضمون والأيام دول، وإن كانت الأمور تدار بالبركة فعلى المستقبل السلام.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك