عن ثقافة العمل الغائبة.. يكتب خالد الطراح

زاوية الكتاب

كتب 319 مشاهدات 0

خالد الطراح

القبس

من الذاكرة - ثقافة العمل الغائبة

خالد الطراح

 

لدينا تراكمات من ثقافات سلبية، زرعتها سياسات حكومية، لم تكن في مصلحة الشعب بشكل عام وتطور الدولة أيضا، فبعد ثقافة الاستهلاك والاتكال التي نجحت في ترسيخها الحكومة على مر السنين نواجه اليوم مشكلة جديدة تتمثل بثقافة العمل وتحديات متطلبات السوق واحتياجاتها وربطها بمخرجات التعليم.

خلال الأيام الماضية برزت مشكلة كادت تبلغ مستوى الازمة وإعلان حالة الطوارئ بسبب صدور بيانات صحافية لبرنامج اعادة الهيكلة والجهاز التنفيذي للدولة بشأن وظائف في الجمعيات التعاونية (بـــ 1948 وظيفةً)، مصحوبة بالشكر على تعاون الجمعيات التعاونية واتحاد الجمعيات على توفير فرص العمل في القطاع التعاوني، فيما ذكرت تقارير صحافية عزوف الشباب الكويتي عن العمل في الجمعيات التعاونية من الجنسين. ولم يقف الامر عند ذلك، بل تعداه في سرد طبيعة الوظائف المعروضة أو المتوافرة للشباب في الجمعيات التعاونية منها وظيفة بائع ووظيفة «كاشير» (محاسب)، والتي لم تجد لها قبولا عند الشباب!

ان مسألة تدبير وظائف في قطاع تعاوني موجود منذ عشرات السنين ليست بذاك الانجاز الهائل، وليس غريبا ان يكون هناك عزوف عن وظائف في هذا القطاع بالذات، فثمة وظائف اخرى في مجالات حيوية؛ كالتربية والتعليم لم تحظ بالقبول، وان خريجين حتى في مجال التربية يفضلون العمل الاداري على التدريس!

علاوة على ذلك ان ديوان الخدمة المدنية سبق ان اعلن عن بلوغ نسبة العاطلين عن العمل، وهم في الاساس من الباحثين، حوالي %35 بسبب «انهم غير جادين»، وان هناك من «تجاوزت اعمارهم 45 عاما وهم يرفضون بتكرار الوظائف المعروضة عليهم، في حين يفضل البعض الاخر جهات حكومية تتميز بميزات مالية اعلى من غيرها»، وهو تطلع طبيعي لأي باحث عن عمل (القبس 2017/5/19).

ليس غريبا ايضا ان تطغى الانتقائية على الباحث عن العمل في اختيار جهة العمل، خصوصا التي لا تتمتع فقط بالمزايا، وانما ايضا لها هيبة ومكانة من الصعب الوصول اليها من خلال بوابة ديوان الخدمة المدنية او برنامج اعادة الهيكلة!

إذاً، الوضع العام بهذا الشكل، فماذا يمكن ان نتوقع من ردود فعل الشباب من العمل في القطاعي التعاوني؟ في وقت لو وضعت الحكومة نصب عينيها بعد التحرير مباشرة في استثمار تلك المرحلة للتحفيز على العمل في قطاعات مختلفة مثلما انخرط الكبير والصغير من الجنسين في اعمال متنوعة نتيجة ظروف الغزو وإعادة بناء الدولة، ما كان ان تتولد المعوقات والتحديات التي نواجهها اليوم في سياسة التوظيف والاتكال على الدولة وتعمق ثقافة الاستهلاك والغرق في الديون لأغراض كمالية!

برنامج اعادة الهيكلة وكل الاجهزة القائمة على سياسة الاحلال للمواطنين لا بد ان تخضع لسياسات وخطط تضمن بالدرجة الاولى التناغم والتعاون في ما بينها في تحديد الأولويات وتشخيص التحديات والمعوقات ومن ثم اعداد برامج ودورات تأهيل وتثقيف للباحثين عن العمل من خلال غرس روح مواجهة الحواجز النفسية والاجتماعية، التي تحول دون قبول الباحثين عن العمل بالفرص المتاحة، خصوصا اذا ما تم التركيز على الابعاد الوطنية لذلك من قبل مختصين في مجالات زرع الثقة وقادرين على استيعاب تساؤلات قد تبدو غير مهنية، وتستدعي الاجابة عنها بلغة جاذبة، وليست بلغة مِنن حكومية! حبذا لو قاد وزير أو أي مسؤول من المعنيين عن سياسات العمل مثالا على العمل جزئيا في القطاع التعاوني وغيره لكسر الحواجز الاجتماعية مثلما فعل كبار المسؤولين في دول متقدمة بقيادة الدراجات الهوائية، وليس فقط إطلاق التصريحات الرنانة!

 

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك