8 نقاط يحددها محمد المقاطع للقضاء على مظاهر تردّي الدولة

زاوية الكتاب

كتب 389 مشاهدات 0

د. محمد المقاطع

القبس

الديوانية- مصلحة الوطن فوق كل اعتبار

د. محمد المقاطع

 

استكمالاً للمقال السابق، أَجِد لزاماً عليّ أن أبرز اليوم العوامل الأخرى لمظاهر تردّي الدولة، ووهن العمل الوطني، التي تلاشى في ثناياها مشروع الدولة؛ فقد شهدت الكويت في العقود الثلاثة الماضية ظواهر مبرمجة لردة دستورية وانفصام ما بين دولة القانون والمؤسسات، وبين مسارات الدولة عبر سلطاتها التشريعية والتنفيذية، وسعياً لإفراغ النظام الديموقراطي من كل أركانه.

وعليه، فإن أي نخبة ترغب حقا في التصدي لمسؤولية انتشال الدولة من حالة التردي تلك، عليها أن تقر بهذه الحقيقة الجوهرية ابتداء، ومن ثم تعمد إلى إصلاح منظومة البلد، التي نكست رأسا على عقب، بدلاً من أن تشغل نفسها وتبدّد جهودها لتعقّب شتات من القضايا المتفرّعة، التي هي إفرازات وآثار انتكاسة البلد، لكونها جهوداً، رغم نبلها وصدق نوايا من يتعامل معها، لن تؤتي أُكلها، فمعالجة الإفرازات والتصدي للآثار لن يُحدثا تغييراً يعدل المسار، ولن يفلحا في وقف النزول الحاد بمنحنى تردّي البلد.

أما إن أردنا انتشال مشروع الدولة بحس وطني مدرك ومسؤول، فعلينا التصدي للعوامل الرئيسية التي نكست حال البلد رأسا على عقب، وهي تتمثّل في الأمور الآتية:

– تراخي مستمر في الإخلال بالدستور والمنظومة المتكاملة التي أقامها، حتى تحول مشروع الوطن والدولة لمشروع مؤقت، سياسيا وإداريا واقتصاديا، وطفت على السطح عمليا إجراءات تصفية المشروع بمسميات عدة، ليس من بينها تكريس كيان الوطن. ويعد النظام الانتخابي نموذجا لتفتيت الدولة لكيانات، آخرها الحفاظ على كيان الوطن، وانسياق النخب والتكتلات والتجمّعات لحالة الصراع المدمّرة لمشروع الوطن.

– انحسار نشاط معظم مؤسسات الدولة في أداء دورها وفق مجالها وتبعا لاختصاصها.. ودخولها حالة الموت السريري؛ إذ فقدت معها ذاتيتها وقدرتها على ممارسة دورها، وصارت مثقلة لكيان الدولة لقبولها بالإنعاش المؤقت لأعضائها، بدل الزوال لإفساح مجال تبدل الأحوال.

– تراجع في فكر إدارة الدولة، لدى معظم الحكومات، من دولة تحتكم الى المؤسسات وتقودها سلطات ثلاث منفصلة، لاضمحلال لدور تلك المؤسسات.. ما أوجد اختلالا بمنظومة الدولة ومؤسسيتها.

– ضمور أغلب السلطات في الدولة وفقدانها القدرة والكفاءة على ممارسة اختصاصها، كما هو مرسوم دستوريا، ووفقاً لنماذج معايير السلطات بالدولة العصرية.

– طغيان الشخصانية والارتجال في أداء وظائف الدولة تنفيذيا وتشريعيا، وتبدل طبيعة وإجراء ونوع بعض الوظائف في مؤسسات الدولة التي غدت عرضة لاجتهادات فردية تتسم بمزاجية متغيّرة بعيدا عن السياسات المرسومة.

– تسلل كل علل وأمراض الفساد السياسي والمالي لدى بعض مؤسسات الدولة وانغماسها فيه، لدرجة صار التمييز بينها وبين الفساد حالة شبه مستحيلة، وذلك ليس مصادفة، ولا وليد الساعة.

– فشل معظم مؤسسات الدولة في إنهاء ملف واحد من الملفات الكثيرة، التي تؤرّق البلد ومواطنيه، والتعامل مع تلك الملفات، إما برد الفعل وإما بجرعات مسكّنة، لا تنبئ عن جدية بالمعالجة، وهو ما فاقم تلك الملفات وعقّدها.

– قرارات وخطوات وبكل الاتجاهات من أجل إفساد الذمم وتيسير وشرعنة كل الوسائل، التي تحقّق ذلك.

.. وستكون للحديث تتمة.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك