عدنان فرزات يكتب.. زين العابدين.. المسيحي

زاوية الكتاب

كتب 492 مشاهدات 0

عدنان فرزات

القبس

زين العابدين.. المسيحي

عدنان فرزات

 

حين يلتف بك الطريق نحو محافظة حماة وأنت قادم من محافظة حلب في سوريا، يطالعك جبل له هيبة صامتة، وفي أعلى الجبل مقام أبيض للإمام زين العابدين بن الحسين بن علي (عليهم السلام).

لم يغب هذا المشهد عن ذاكرتي، رغم مرور حوالي سبع سنوات على آخر مرة لوحت فيها للمقام بالسلام، وأنا أزور حماة. لكن الذي أعاد المشهد حاضراً بقوة قبل أيام قليلة، هو لقاء تلفزيوني في إحدى القنوات، وجدته منشوراً على صفحة زميلة عزيزة في الفيسبوك، هي علياء فاخر. اللقاء التلفزيوني كان مع امرأة مسيحية من باب توما في دمشق، قصتها تبدو الآن غريبة، وربما لم تكن كذلك قبل استيقاظ الفتنة بين الناس.

تقول المرأة التي تعرّف عن نفسها بأن اسمها هالة يازجي في اللقاء إنها تزوّجت منذ حوالي سبعة عشر عاماً، وظلت عشر سنوات لم تنجب الأطفال، وبأنها استنفدت كل سبل العلاج، إلى أن سمعت بمقام زين العابدين عليه السلام في حماة، فنصحها أحدهم بزيارته لاعتقاده بأن المرأة ستحقق حلمها بالإنجاب، فدخلت لتزوره، يدفعها أملٌ ما بعد سنوات اليأس من إمكانية العلاج الطبي. وتقول المتحدثة إن زوجها نذر نذراً بأنه لو رزقه الله طفلاً فسوف يطلق عليه اسم زين العابدين.

بعد عام من هذه الزيارة، قدّر الله عز وجل لهذه المرأة أن تحمل في رحمها جنيناً، فتذكر الأب المسيحي نذره، فأوفى به وأطلق على وليده اسم زين العابدين الذي أصبح الآن عمره سبع سنوات، وهي المدة التي مضت على آخر مرة لوحت بها لمقام الإمام زين العابدين (عليه السلام).

وأنا في هذه السطور، لا أروج لمسائل روحانية، فهذه أمور بيد الله عز وجل، بل آتي إلى الموضوع من باب تكذيب كل من يقول إن الصراع في سوريا هو صراع أهلي أو طائفي أو مذهبي، فهو صراع سياسي يرتدي ثوب الفتنة من باب التمويه. وهذه الحكاية تعكس طبيعة العلاقات الإنسانية قبل «السنوات السبع العجاف»، أي إن هذه الحادثة حسب التواريخ المذكورة تشير إلى وقوعها قبل نشوب الحرب.

قبل سنوات مديدة من هذه الحكاية، وفي بداية حياتي، وقعت في غرام فتاة مسيحية، فكنت أتسلل كل يوم أحد إلى الكنيسة التي تصلي فيها الفتاة، يؤازرني «شقاري» الذي يجعلني قريب الشبه من عائلتها، فأصغي إلى تراتيلهم. كنت أفعل ذلك لأن «الواتس أب» و«داعش» لم يكونا موجودين آنذاك.

 

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك