4 ملاحظات يكتبها محمد المقاطع تعليقا على حكم محكمة الاستئناف

زاوية الكتاب

كتب 1028 مشاهدات 0

د. محمد المقاطع

القبس

الديوانية-تعليق على حكم محكمة الاستئناف

د. محمد المقاطع

 

إن نقد الأحكام القضائية نقدا موضوعيا أمر مستحب، بل انه من أهل الاختصاص أوجب، إذ إنه من الأمور المهمة لإثراء القضاء وتطوير اتجاهاته، وهو دور جليل ومعتبر، وبعد قراءة حكم محكمة الاستئناف الجزائية الصادر في ٢٧/ ١١/ ٢٠١٧ الواقع بـ ١٨٢ صفحة، فيما يسمى بقضية دخول المجلس فإنه يمكن أن تسجل عليه بعض الملاحظات التالية، أملا في استكمال بعضها الآخر لاحقا:

١- الفترة من حجز الدعوى للحكم في ٩/ ١٠/ ٢٠١٧ إلى صدور الحكم في ٢٧/ ١١/ ٢٠١٧ هي مدة قصيرة نظرا لطبيعة القضية وعدد المتهمين فيها وما خالطها من اعتبارات وتغيير للقضاة. ومن ثم فهناك تعجل غير مبرر لإصدار الحكم بهذه السرعة بما يتنافى وأساسيات وضمانات المحاكمة العادلة.

٢- المحكمة أغفلت طلبات إعادة فتح باب المرافعة لتقديم بعض المتهمين دفاعا لم يتسن لهم تقديمه، وذلك بعد حجزها الدعوى للحكم. وهو إغفال لطلب مهم أخل بحقوق الدفاع، خصوصا أن المحكمة حديثة عهد بنظر القضية، وتلك الطلبات هي ضمانة دستورية جوهرية تكريسا لحقوق الدفاع.

 

٣- التفات المحكمة عن طلب جوهري آخر تقدم به اثنان من المتهمين برد هيئة المحكمة لسبق نظرها لقضية سابقة تخصهما، وهي القضية رقم ٢٨٨٠/ ٢٠١٥. والقضية الجنائية يحكمها مبدأ عدم إمكان تجزئتها.

٤- إن الأساس القانوني الذي بنت عليه محكمة الاستئناف إلغاء حكم محكمة أول درجة ووصمها له بالبطلان شابه عوار جسيم لحق حكمها الذي بني على استدلال غير سديد بل ومتناقض، فضلا عن خطأ في فهم القانون، فمحكمة الاستئناف أسست حكمها لإلغاء حكم أول درجة، لكون القاضي كشف عن اعتناقه لرأي معين مسبق في الدعوى قبل نظره لها واتصال علمه فيه من أوراقها، وهو ما يفقده صلاحيته للحكم.. – كما ورد بحكم الاستئناف – وهذا التناقض الجسيم الذي وقعت به محكمة الاستئناف تأسيسا على ما سبق وصولا إلى اعتبارها قضاء محكمة أول درجة باطلا، ناقضته هي نفسها بما ذكرته بالأسطر اللاحقة بأنه «وكان الثابت من مطالعة مدونات الحكم المستأنَف أن المحكمة استهلت حكمها………»، وعليه فإن ما ورد بمقدمة حكم محكمة أول درجة ليس ابداء للرأي المسبق، بل هو مستمد من أوراق الدعوى التي أمامها، وهذه المقدمة جزء من حيثيات الحكم، وهنا نتبين التناقض الذي وقعت به محكمة الاستئناف، إذ ان استهلال الحكم هو جزء من الحكم، وهو الموضع الطبيعي لبيان المحكمة بسلطتها الكاملة ما تراه في شأن حكمها ولا يعتبر ذلك إبداء لرأي مسبق، ومن ثم فإن المقدمة هي جزء من الحكم يسطر فيها القاضي قناعته وما استقر في وجدانه بعد أن أحاط بالقضية من كل جوانبها ومن ثم فوصفه لظروف المتهمين والجو العام المصاحب لاتهامهم وبيانه لطبيعة ما قاموا به من أعمال هو جزء من حكمه، ولا يتضمن مصادرة على المطلوب ولا رأيا مسبقا يفصح به القاضي عن قناعة مسبقة لصدور حكمه، خلافا لما انتهت إليه محكمة الاستئناف التي بنت عليه تأسيسها الخاطئ إلغاء لحكم البراءة كي تضع بحث بقية أسانيد حكم محكمة أول درجة الجوهرية الأخرى التي أقامت عليه حكمها بالبراءة جانبا، ولذا فإن حكم الاستئناف اعتوره خطأ في الاستدلال وفي فهم القانون دون أن يكون أساس حكمها مستمدا على حجة قانونية سديدة أو يستند لصحيح حكم القانون.

ويبقى حكم محكمة الاستئناف نافذا إلى أن تقرر بشأنه محكمة التمييز حكما نهائيا.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك