عبد اللطيف الدعيج يكتب..هي صناعة خوفكم

زاوية الكتاب

كتب 874 مشاهدات 0

عبد اللطيف الدعيج

القبس

هي صناعة خوفكم

عبد اللطيف الدعيج

 

أنا أعتقد أنني مدين للحكومة باعتذار، وأتمنى أن تستحق هذا الاعتذار، لأنها ليست وحدها المسؤولة عن الإرهاب الذي يتعرّض له المواطن عبدالعزيز القناعي، كما كتبت يوم أمس، آسف لتحميلها وحيدة ذنب ومسؤولية تقييد حريته والتقليل من كرامته وجرح شعوره.

المسؤولية الكبرى في نظري تقع على المجتمع، أو ما يسمى، تجاوزا، القوى الوطنية الديموقراطية التي دائما «يطقها عقر بقر» عند أي بسملة أو حوقلة ترمى في وجهها، أو حتى حضورها.

ما يسمى قوانا الوطنية، وفي الواقع وكما رددت مرارا وتكرارا، كل الساسة والمتعاطين بالشأن العام يتنمرون ويستأسدون على المؤسسات الإدارية والسياسية للدولة والمجتمع، ولكنهم «صوفة» أو «طوفة هبيطة» في مواجهة المؤسسات الاجتماعية، وبالذات المؤسسات الدينية والتراث الديني.

مجاميعنا السياسية، في كل ما يسمى الوطن العربي، توجه النقد وأحيانا معاول الهدم لمؤسسات الدولة، انقلابات وثورات مستمرة، منذ جلاء المستعمر وحتى الآن. لكنها كلها موجهة نحو مؤسسات الدولة ونحو القفز على السلطة، أما المؤسسات الاجتماعية، خصوصا الدين والتدين وعموم التراث الوطني القديم، فإنها في الحرص والصون، وبعيدة عن أي نزاع أو تثوير أو حتى تغيير، بل إنها في كثير من الأحيان تحظى بالتعزيز والتقدير والحماية القانونية من أبطال التغيير والتطوير المزعوم.

أعتذر للحكومة للمرة الثانية، فصمت القوى الوطنية والمدنية، ولامبالاة المجاميع السياسية، يشجّعان المؤسسات الدينية والاجتماعية المتخلّفة على التمسّك في الواقع والحاضر، وفي الكويت السير حثيثا إلى الخلف، إلى مجتمعات القرون التي انقضت.

عبدالعزيز القناعي، ضحية تخاذل الحكومة، ولكنه أيضا، وبالأساس، ضحية العجز وقلة الحيلة التي تتمتع بها القوى المدنية والسياسية في مجتمعنا، التي لا تزال تعتقد أن المجاميع والمؤسسات الدينية لها القوة والهيبة الكافية للسيطرة والهيمنة على المجتمع، مع أنها في الواقع ليست إلا نمورا من ورق، يضفي عليها الهيبة ويمنحها القوة ضعف وتخاذل القوى المعارضة لها.. أو بالأحرى غياب هذه القوى كليا عن المنافسة.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك