عبد العزيز الكندري يكتب.. سنغافورة والنرويج... صناع الحياة

زاوية الكتاب

كتب 860 مشاهدات 0

عبد العزيز الكندري

الراي

ربيع الكلمات- سنغافورة والنرويج... صناع الحياة

عبد العزيز الكندري

 

عندما تسمع كلمة شباب، يتبادر إلى ذهنك المستقبل والغد المشرق والأمل والحياة. الشباب هم وقود المشاريع الجريئة. لا سقف لديهم لأن طموحاتهم كبيرة. ولكن الموسف عندما تجد الشباب محبطاً يائساً، فيما قام البعض بمشاريع ناجحة في دول مجاورة.

أتمنى أن أكون مخطئا، ولكن كثرة التفاؤل مع عدم تشخيص الواقع بطريقة سليمة تعتبر سذاجة، لأن التشخيص الصحيح والسليم يعتبر نصف الحل والعلاج... ولماذا نجد الشاب في القطاع الخاص متفانيا محباً للعمل ولديه مثابرة، فيما عكس ذلك في القطاع الحكومي؟

افتح واقرأ الصحف، قبل 10 سنوات أو 20 سنة أو 30... ما هي الكلمات التي ستجدها؟ تنمية. بناء جامعات. بناء طرق وتنمية جزر. نفس الكلمات نسمعها ونقرأها اليوم، وما أشبه الليل بالبارحة، ولكن التنمية لا تقتصر على جسر وطريق يحتاج إلى صيانة كل ستة أشهر. إذن أين هي التنمية؟

تتعطل المشاريع لسنوات طويلة بسبب أمور مثل كتابنا وكتابكم... وهل الأمر يحتاج لكل هذه السنوات؟ لدينا خطة تنميوية اقتصادية طموحة، فمن الطبيعي أن نصف الوزراء يجب أن يكونوا متخصصين بالاقتصاد أو رجال اقتصاد!

النفط كان وما زال من أكبر النعم التي كان من المفترض أن نشعر بها ونصحح الاختلالات الموجودة. هبطت الأسعار في منتصف الثمانينات والتسعينات، إلى أقل من 40 دولارا للبرميل، لكن تم تجاوز الأزمة العابرة، بل وفي بعض الأوقات وصلت الأسعار إلى أقل من 10 دولارات، ولكن لم نتعلم.

هبوط أسعار النفط، هو في الحقيقة فرصة ومنحة لتعديل المسارات كافة. والكل يشترك في هذا التصحيح من دون استثناء أحد من السلطتين التشريعية والتنفيذية وحتى المواطن. مطلوب من السلطة التنفيذية أن تضع الرجل المناسب في المكان المناسب وتبتعد عن توزيع المناصب، كما توزع الهبات والعطايا. أما السلطة التشريعية وعضو مجلس الأمة من المفترض عليهما ألا يكونا حجر عثرة أمام الإصلاح الحقيقي من أجل مجموعة من الأصوات ودغدغة عواطف الناخبين.

نعم، التقشف مطلوب لتجاوز الأزمة العابرة. تصحيح بعض أسعار السلع والخدمات أمر مطلوب. ولكن يجب التفريق بين المواطن صاحب الدخل المنخفض والعالي. بين البيت والمؤسسة والمجمع التجاري. فلا يمكن أن تكون أسعار الخدمات والكهرباء واحدة. فالترشيد مطلوب ومواجهة الهدر بكل حزم، وعدم إيقاف المشاريع الحيوية والتي هي بأمس الحاجة إلى وضع دماء جديدة.

ودائماً ما نذكر سنغافورة، حيث تمثل حسن الادارة، وأنها جزيرة بلا موارد طبيعية، وأصغر من جزيرة بوبيان الكويتية، وتعتبر البلد الأصغر في جنوب شرقي آسيا، وحصلت على الاستقلال سنة 1965، وتسلم زمام الأمور بعد هذا التاريخ كوان يو، ليجد المشاكل التي لا تعد ولا تحصى، كالبطالة والفساد الإداري وأزمة السكن. وشعب خليط من مختلف الأعراق والأجناس من الصين والهند. واليوم تعتبر سنغافورة، خامس أغنى دولة في العالم من حيث احتياطي العملة الصعبة، وأكثر البلدان استقراراً سياسياً في آسيا، وفق تقرير التنافسية العالمي... كل ذلك بسبب حسن الإدارة وصناعة الحياة.

ومثال آخر لبلاد نهضت بفضل حسن الإدارة وصناعة الحياة، هي النرويج، والتي تجاوز صندوقها السيادي 860 مليار دولار رغم أنه أنشئ العام 1990 وفعل في 1996، ونجحت بأن تجعل إيرادات النفط لا تزيد على 30 في المئة من إجمالي الإيرادات الحكومية، والقطاع النفطي يمثل فقط 23 في المئة‏ من الناتج المحلي. ولديها كمية كبيرة من الأسماك، حيث تبلغ صادراتها السنوية 10 مليارات دولار.

ووفق دراسة البنك الدولي، لسهولة أداء الأعمال فقط، احتلت النرويج المرتبة السادسة من أصل 185 دولة، وفي النزاهة حلت في المرتبة السابعة من 176. وفي مؤشر التنافسية السنوي جاءت بالمرتبة الحادية عشرة من 148.

لدي قناعة راسخة بأن الشباب الكويتي لديه من القدرات والإمكانات ما يمكنه من جعل الكويت في مصاف الدول المتقدمة، لو أعطي الفرصة، وتم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب... فقط يحتاج الفرصة وعندها سنشاهد الإبداعات.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك