فصل التعليم عن السياسة مهمة عسيرة في الكويت.. بوجهة نظر خالد الطراح

زاوية الكتاب

كتب 1337 مشاهدات 0

خالد الطراح

القبس

من الذاكرة- ميدان «الكفايات»

خالد الطراح

 

منهج «الكفايات»، الذي طبقته وزارة التربية منذ سنوات، ليس مشروعا ولد في غفلة من الزمن، وإنما هو مشروع تربوي تبنّته الوزارة بالتعاون مع فريق متخصص في البنك الدولي، مقابل اتفاقية بقيمة ملايين الدولارات، جاءت نتيجة دراسات واجتماعات، جمعت «أهل الميدان»؛ على حد تعبير وزير التربية الجديد د.حامد العازمي.

الوزير العازمي كان يشغل منصب وكيل وزارة التعليم العالي لعدة سنوات، وكان أحد المسؤولين الذي يجتمع بشكل دوري في الكويت وأميركا أيضا، مع أصحاب الشأن التربوي، كما كان يجتمع وكيل الوزارة الحالي، مدير المركز الوطني لتطوير التعليم السابق، د.صبيح المخيزيم، وهو المطلع على تفصيلات مشروع إصلاح التعليم أكثر من أي مسؤول تربوي في الوزارة.

نشرت صحيفة السياسة أخيراً تقارير صحافية عن معوّقات يتضمنها منهج «الكفايات» أدت في مجملها إلى «رسوب الطلبة» و«تسرّب الاختبارات». وقرار الوزير العازمي بتشكيل لجنة من «أهل الميدان» لمراجعة ملاحظات أولياء الأمور وبعض المسؤولين!

منهج «الكفايات» هو باكورة عمل سنوات عكفت عليه مجموعة من الخبراء، بمشاركة وإشراف وزارة التربية، وبمعرفة مباشرة من المسؤولين في وزارة التربية ومن المعلمين أنفسهم، ولم يخرج منذ ذلك الوقت تصريح واحد يشير إلى أن ثمة معوقات جدية في منهج «الكفايات»، أو أنه يتعارض مع طبيعة مناهج التعليم والمقررات الدراسية لوزارة التربية!

هذا لا يعني أن بعض الأصوات قالت إن «الكفايات» غير مجد، إلا أن ذلك يعتبر وضعا طبيعيا، فكل تغيير يواجه مقاومة، حتى يثبت هذا التغيير جدواه.

اليوم، وبسرعة، بعد تولي الوزير العازمي، وهو الأقرب والأعلم بطبيعة جميع الخطوات التي اتخذتها الوزارة والاجتماعات والزيارات التي قام بها عدد كبير من الخبراء التربويين، تغيّرت ربما وجهات النظر والمواقف من «الكفايات» بناء على ملاحظات بعض أولياء الأمور وعدد من المعلمين والتربويين، وربما بإيعاز مباشر من جمعية المعلمين، وهي جمعية لها ثقل في القرار التربوي بغض النظر عن مدى سلامته وصحته!

منهج «الكفايات» هو جزء من مشروع متكامل يحتوي على اعتماد منح المعلمين رخص مزاولة المهنة، حيث من المعروف أن ليس كل من تخرج في تخصص تربوي، مثلا، يعتبر من القادرين على ممارسة المهنة، وهو معيار مطبق في جميع دول العالم، بما في ذلك دول مجلس التعاون أيضا، بهدف الارتقاء بمهنة التعليم وتطوير أساليب ومناهج التربية لتتناسب مع احتياجات اليوم ومتطلبات المستقبل أيضا.

من دون الدخول في تفاصيل سبب عدم الإدراك المبكر لوزارة التربية بطبيعة منهج «الكفايات» وما تردّد عن رسوب بعض الطلبة، من المهم قبل اتخاذ قرار تشكيل لجنة لدراسة وتقييم «الكفايات» لا بد من تحديد حجم الرسوب وأسبابه، وإذا كانت هناك فعلا ثغرات تربوية تعتري مثل هذه المنهج، فضلا عن تحديد حجم الوعي التربوي بجدوى «الكفايات» من ناحية تعليمية، لكونه نقلة نوعية في التعليم، مثله مثل رخصة المعلم التي تردد أنها غير مرحب بها بشكل عام!

إن تفهّم الوزير العازمي، الجديد، وطاقم الوزارة أيضا، هذه المشكلة، إن كانت موجودة أصلا، محل تقدير، ولكن نتمنى ألا تكون هي البداية لتنازلات، ربما وراءها ضغوط سياسية قد يكون ثمنها مكلفا على التربية ومستقبل الأجيال ومحاولة الكويت اللحاق بركب الدول المتطورة تربويا.

فصل التعليم عن السياسة هو مهمة عسيرة في الكويت، لكنه ليس مستحيلا إذا ما توفّرت الإرادة والعزيمة نحو التطوير والتغيير، وهو ما نتمناه للفريق القيادي الجديد لوزارة التربية.

أما عن تسريب الاختبارات، فهو موضوع لا علاقة له بمنهج «الكفايات»، ويقتضي حلولا جذرية كفيلة بتشكيل لجان فنية لتلافي هذه الظاهرة التي تؤرّقنا بين الحين والآخر منذ سنوات!

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك