عدنان فرزات يكتب.. تجارة جَزَر رابحة

زاوية الكتاب

كتب 872 مشاهدات 0

عدنان فرزات

القبس

تجارة جَزَر رابحة

عدنان فرزات

 

هناك طريقتان اليوم لتدمير العرب، الأولى بالضربة القاضية، كما حصل في سوريا، والثانية بالنقاط كما يحصل في تونس.

لو نظرنا إلى الجغرافية العربية اليوم، فلن نجد بقعة هادئة بشكل كامل، فبلاد الشام بعضها يعيش حالة الدمار، والآخر يعيش قلق الجماعات الإرهابية والخلايا التي تُكتشف بين وقت وآخر، وكذلك الأمر بالنسبة لمصر والسودان، والأمر نفسه بالنسبة للمغرب العربي بكامله، وأخيراً الخليج الذي كان أهدأ بقعة جغرافية، ثم تم إدخاله في دائرة التوتر والقلق.

أثبتت تجربة الربيع العربي أن أحلاما يمكن استثمارها لتدمير البلاد. معظم هذه الأحلام كانت مشروعة في البداية، لكن الذي حصل أنه تم استخدام سياسة «العصا والجزرة»، وأصبحت الشعوب تجري وراء «جزر» كثير من الحرية وتحسين الاقتصاد حتى وقعت في فخ الدمار.

الأمر الآخر الذي حصل هو أن الكثير ممن مثلوا دور المعارضة، لم يكونوا في الواقع بأفضل حال من الأنظمة التي ثاروا ضدها إن لم يكن أسوأ. فأصحاب التوجه المدني انخرطوا في نعيم الفنادق وترف البلاد الأجنبية التي «هربوا» إليها، وأصبحوا من موقعهم الآمن والمرفه يحرضون الذين آمنوا بأوطانهم ولم يغادروها. والسؤال هنا: «لو هدأت الحروب في بلاد هؤلاء الهاربين، هل سيتركون نعيم الضمانات الاجتماعية والرفاهية ويعودون لبناء البلاد التي دُمرت؟».

أما أصحاب التوجه العسكري فانخرطوا في جماعات مسلحة، يحصلون على تمويل من جهات تريد تحقيق نفوذ في الدول الثائرة، بهدف تحقيق مكاسب سياسية تخص بلادها، وتحول معظم حملة السلاح إلى عصابات بالبلطجة نفسها التي كانت تمارسها أنظمتهم.

يحكي لي أحد السياسيين المعتدلين في تونس ان شخصية سياسية معارضة مرموقة وأكاديمية، زارته في تونس في بداية الثورة السورية، لبحث إمكانية الدعم، وعقدتْ لساني الدهشة حين أخبرني السياسي التونسي باسم الشخص، الذي كان برفقة هذه الشخصية، فهو نصاب وحرامي ومحتال أعرفه جيداً من خلال تجربة شخصية، ومن خلال أفعال مشينة اقترفها اجتماعياً ومالياً، وكان هذا المرافق مقرباً من النظام، فكيف تحول بين ليلة و«أساها» إلى متحدث باسم الشعب، وما الذي جمع بين شخصية أكاديمية مرموقة وشخص محتال؟

كتب أحد الإعلاميين التونسيين على صفحته في الفيسبوك: «أرجوكم دلوني على هذا الذي قال هرمنا أين هو؟» لتعلم الشعوب الحالمة أن هناك من يتربص بأحلامها ويتاجر بها، وأن لا أحد من المجتمع الدولي يريد لهم الوصول إلى «الجزرة». فتوقفوا عن دفع فاتورة فنادق الخمس نجوم.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك