هل بدأ الغرب بالانهيار؟.. يتسائل مبارك الدويلة

زاوية الكتاب

كتب 748 مشاهدات 0

مبارك فهد الدويلة

القبس

حصاد السنين- هل بدأ الغرب بالانهيار؟

مبارك الدويلة

 

قد يكون العنوان للوهلة الاولى مضحكاً، فالواقع يقول ان الغرب اليوم هو المسيطر أمنياً وعسكرياً واقتصادياً على العالم، والغرب يمارس حياته وفقاً للنظام المؤسسي المبني على الديموقراطية وليس وفقاً للنظام العشائري المبني على مقولة (من صادها عشا عياله)! لكن هذا لا يمنعنا من التفكير بصوت عال، ونناقش بعض الظواهر التي بدأت تتسرب الى النظام الغربي العتيد!

نأخذ مثلاً الولايات المتحدة، القوة الضاربة للغرب، فقد أثبتت التسريبات التي انتشرت في السنوات الاخيرة سواء من ويكيليكس او بعض مسؤولي البيت الابيض السابقين، أو مذكرات هيلاري كلينتون أو بعض ما نشرته كبرى الصحف الأميركية أن النظام الغربي له وجهان! وجه ناصع البياض، يتبنى مبادئ العدل والمساواة، ويمارس الديموقراطية في قمة ابداعها، ويحترم مواثيق الامم المتحدة والمعاهدات الدولية بشكل كامل، والوجه الآخر الذي صدم العالم أنه نظام عنصري دكتاتوري انتهازي(!!)

أما عنصريته فقد بانت في أمرين: داخلياً: حوادث قتل السود من قبل رجال الشرطة البيض! واستغلال ضعف النسيج الاجتماعي للسود في المجتمع الاميركي لاحتواء الموقف أو تجاهله! وخارجياً من خلال دعم النظام العنصري في الكيان الصهيوني وهو دعم لا حدود له، فقد أجمع المراقبون على ان الدعم الاميركي هو سبب تعنت الكيان الصهيوني وممارساته القمعية ضد أصحاب الارض الفلسطينيين! كما ان ظاهرة الطائرة بلا طيار، التي تحصد عشرات الابرياء في أسواق افغانستان بحثاً عن ارهابي او اثنين دون ان تسمع من يندد أو يشجب هو شكل آخر من اشكال الانتهازية التي يمارسها النظام الغربي!

وأما دكتاتورية النظام الاميركي الغربي فتمثلت في دعم الثورات المضادة وعودة الأنظمة القمعية وتحطيم حلم الشعوب المقهورة وكان بامكانها تثبيت الأنظمة المنتخبة وتكريس الديموقراطيات حول العالم في دول العالم الثالث، كما فعلت مشكورة مع الكويت الديموقراطية بعد احتلالها من نظام صدام الدكتاتوري! لكنها المصالح الغربية التي تحدد مبادئ التعامل مع الآخر!

أما انتهازية النظام الغربي فتمثلت بوضوح في تعامل الغرب مع النظام الايراني، ففي الوقت الذي كانت اوروبا تنتفض عن بكرة أبيها انتصاراً لرأي ملحد قررت طهران معاقبته، نجدها اليوم تصمت صمت الاموات عن انتهاكات هذا النظام المتواصلة في سوريا والعراق، حيث استبيحت حرية الرأي والفكر والاعتقاد! كل ذلك من أجل الاتفاق النووي الذي تسعى من خلاله أميركا واوروبا الى احتواء التسليح النووي الايراني! وبالامس طالعتنا الصحف بقاض ألماني طرد محامية ألمانية محجبة من قاعة المحكمة بسبب حجابها ولم نسمع ردات فعل تذكر على هذا الفعل المتناقض مع المبادئ المعلنة للاتحاد الاوروبي!

واليوم نشاهد القيود التي وضعتها وزارة العدل الاميركية على العمل الخيري الاسلامي، بحيث لا يصرف دينار واحد الا بعد تدقيق وتمحيص يقلل من فعالية العمل الخيري، وبالمقابل نشاهد رجال الكنائس الاميركية يجمعون الاموال الطائلة دون رقيب لدرجة ان حياة البذخ التي يعيشها بعضهم لفتت انتباه بعض رجال الاعلام الذين لم يتمكنوا من اجراء التحقيقات اللازمة لفضحهم!

اليوم يلخص تقرير أصدرته مؤسسة .Rand Corp «تدهور الحقيقة» في الولايات المتحدة والمتمثل في فقدان ثقة الجمهور بمصداقية المؤسسات الحكومية والاعلامية والاكاديمية وما يصدر عنها، وينبه الى خطورة هذه الظاهرة على الديموقراطية وصناعة السياسات العامة في أميركا!

الخلاصة.. اذا استمرت هذه السياسات بالانهيار ستنهار دولة القانون والمؤسسات في الغرب عاجلا ام اجلاً، فان أضفنا الى ذلك انهيار المفاهيم الاخلاقية والسلوكية، وتفكك الاسرة وانحلال مفهوم العيش الجماعي، سنكون أمام جبل غربي من القش الذي سينهار مع أول زلزال!

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك