ما جرى من اعتداء أو تدنيس للجنسية الكويتية لم يقم به الأجانب أو غير الكويتيين.. برأي عبد اللطيف الدعيج

زاوية الكتاب

كتب 1058 مشاهدات 0

عبد اللطيف الدعيج

القبس

كلنا ضحايا

عبد اللطيف الدعيج

 

في النهاية أنا أتعاطف مع «أهل الكويت»، وأشعر بمدى الأسى والحسرة التي تنتابهم، وهم يتمعنون في وضعنا المأساوي الحالي، خصوصاً ما يتعلق منه باختلال التركيبة السكانية، والعبث المتواصل في عملية التجنيس.

لكن مشكلة «أهل الكويت» أنهم يضعون اللوم على الطرف الخطأ، ومشكلتهم أيضا أنهم يجدون الضحية مجرماً، بينما يتسامحون أو يتجاهلون من أوقع بالضحية، وفي نفس الوقت أخطأ بحقهم هم.

ما جرى من اعتداء أو تدنيس للجنسية الكويتية لم يقم به الأجانب أو غير الكويتيين، أو من يستحق أو لا يستحق الجنسية، التي يتألم أهل الكويت للعبث المتزايد بها. الاعتداء والتدنيس والتزوير قام ويقوم به ويسهله أهل الكويت الأصليون، المتنفذون منهم والمهيمنون على طرق ودهاليز التجنيس.

حتى التجنيس العشوائي، الذي تم قبل عقود، تولاه المتنفذون من أهل الكويت واضطلع به الأصليون، ومن ائتمناهم على أمن وسلامة البلد. ليس لـ«المتجنس» ذنب، وليس حتى للمزور ذنب. وعلى أهل الكويت التمعن في مقولة «المال السائب يعلم السرقة». المال السائب يعلم السرقة يعني اننا نخلق المجرمين ــ ان جازت التسمية ــ وندفع بالناس، وربما الشرفاء منهم، الى الطريق الخطأ والى ارتكاب المعاصي، لأننا نسد أبواب الطرق السليمة أمامهم، بينما نزرع وننثر المغريات في الطرق الملتوية وغير المعتمدة.

حتى التجنيس العشوائي لم يكن شراً بحد ذاته. فالخير كان ولا يزال كثيرا. والكويت كبلد ودولة كان من الضروري ان تتمدد، وكمجتمع كان لا بد ان تكتمل أركانه ويستوفي قواعده. أي أن «التجنيس» كان ضرورياً، وكان طبيعياً، وكان سيكون كما هو نعمة وتلبية لمتطلبات التقدم والنمو.

مرة أخرى، ولكن. ولكن التجنيس كان لأهداف سياسية، وقام به المتنفذون لتحقيق مآربهم وهيمنتهم غير المشروعة على الناس. وهذا كان الخطأ، وليست عملية التجنيس بحد ذاتها. أنا كتبت قبل نصف قرن «إن المجتمع الكويتي كان قادراً على احتضان هذه المجموعه المجنسة، وضمها بين جناحيه كالآخرين، ولكن هذا ما كان يتعارض مع احلام البعض ومصالحهم الانتخابية والسياسية، فكما أوضحنا، تمت عملية تجنيسهم بدوافع انتخابية وحسب، ولذا فإن أي تطور يتعرض له هؤلاء ويتعارض مع هذه الدوافع كان يتعارض ومصلحة القوى، التي سعت الى تجنيسهم، من هنا كان هم هذه القوى أن يحتفظ هؤلاء بوضعهم، بانعزالهم، بتكوينهم الثقافي والنفسي المتميز عن غيرهم من الكويتيين». (جريدة السياسة. 21 ــ 10 ــ 1974).

هذا كتبته قبل أكثر من أربعين سنة ولا يزال حقيقة ساطعة حتى اليوم. ولهذا سعى من جنس إلى قبلنة وأدينة المجتمع الكويتي بدلا من «تكويت» المستوطنين الجدد.

ليس هناك خطأ في عملية التجنيس، وليس هناك عيب في المتجنسين، ولكن العيب كل العيب في من جنسهم وفي أهدافه غير الوطنية في ذلك.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك