الليبراليون والبدو ...

زاوية الكتاب

كتب 3463 مشاهدات 0


يبدو ان نواب القبائل ليس من حقهم تقديم الاستجوابات في نظر بعض المنتمين للتيار الليبرالي الذين مازالوا يعتقدون ان راية المعارضة حكرا عليهم دون سواهم ، وما ان يقدم نائب قبلي استجواب حتى ينبري النواب الليبراليون للدفاع عن الوزير المستجوب في الباطل والباطل.
ولعل التيار الليبرالي الكويتي يمثل حالة خاصة في العالم كله لانه 'شركة مقفلة' على فئة معينة من المجتمع ، وهو التيار الوحيد في الكويت الذي يقتصر على فئة واحدة ، حتى انه عندما تحول الى كتلة نيابية في المجلس وهي كتلة العمل الوطني ظل كذلك لايتسع الا 'للحضر'.
وليس الحضر ليبراليون انما الليبراليين حضر وبالتالي فان الحديث هنا عن الليبرالية الفئوية المحتكرة ، وانظر للحركة الدستورية الاسلامية (حدس) التي تضم حضر وبدو ، وكذلك التجمع السلفي ، وايضا حزب الامة ، وكتلة العمل الشعبي وهي كتلة نيابية وليست تيار الا انها تضم الفئتين.
والحقيقة ان التيار الليبرالي في المجلس بالسنوات الاخيرة لم يقدم شيئا يذكر سوى التفرغ للتصدي للتكتل الشعبي الذي بات يؤرق مصالحهم التي ارتبطت كثيرا بالسلطة وفي بعض المشاريع المشبوهة التي صمتوا كثيرا تجاهها ، والغريب في الامر ان مسلم البراك يحصد النصيب الاكبر من انتقاداتهم رغم ان مواقفه متطابقة تماما مع الرمز احمد السعدون ولكن مشكلة مسلم معهم انه 'بدوي'.
ولعل حجة الاستهداف التي يتهمون بها البراك في استجوابه ضد وزير الداخلية وقضية 'المواءمة السياسية' وهي الفكرة الجديدة التي يروجون لها كل ذلك تبريرا لمواقفهم المتخاذلة من قضايا المال العام لانهم اقرب مايكونون الى اسلوب الاستهداف وابعد مايكونون عن تلك المواءمة ، خاصة عندما كان تيارهم يقود لواء المعارضة في السبعينات وكانوا يعيبون على نواب القبائل موالاتهم للحكومة ، فماذا كانت الاستجوابات في عهدهم ؟!! وهي تمثل مؤشرات عامة للساحة السياسية.

استجوابات عهدهم ...

في شهر ديسمبر عام 1973 قدم النائب خالد مسعود الفهيد استجوابا لوزير المالية حينها عبدالرحمن سالم العتيقي في موضوع رواتب الموظفين في الجمارك!!
وبعدها بشهرين فقط أي في فبراير 1974 قدم كل من النواب علي الغانم وسامي النيس وعبدالله النيباري – الامين العام الجديد القديم للمنبر – استجوابا لوزير التجارة والصناعة خالد سليمان العدساني بمحاور تطبيق قانون الشركات والتراخيص التجارية وارتفاع الاسعار واستمر الاستجواب لعدة جلسات انتهت بطلب طرح الثقة.
ثم بعد ذلك بثلاث شهور وتحديدا في مايو 1974 عاد عبدالله النيباري ومعه النائبان احمد النفيسي وسالم المرزوق لتقديم استجواب اخر لوزير المالية والنفط حينها عبدالرحمن سالم العتيقي الذي لم يمض على استجوابه الاول اكثر من ستة شهور.
فأي استهداف يتحدثون عنه اليوم اكثر من ذلك الاستهداف الذي مارسوه في السبعينات ، وأي عبث اكثر من تقديم ثلاث استجوابات في 6 شهور –اذا كانوا يرون كثرة الاستجوابات عبث - عندما كانوا يقودون الساحة.

العهد المشترك ..

وفي الثمانينات تقاسم الاسلاميون السيطرة على الساحة السياسية مع الليبراليين بعد بروز التيار الديني بقوة في الكويت في نهاية السبعينات ومطلع الثمانينات ، فتقدم في نوفمبر 1983 النائب السابق الحالي خالد السلطان ومشاري العنجري وخالد الجميعان باستجواب مشترك لوزير الاسكان حمد عيسى الرجيب بسبب تجاوزات في توزيع وحدات سكنية الا ان الطلب سحب نتيجة التفجيرات التي وقعت في 1983 واعتقد من العيب ان يدعي احدهم هنا المواءمة السياسية لان المواءمة تراعي الجو العام وليس حدث وقع وبات من الضرورة التعامل معه.
بل لم يراعوا 'المواءمة السياسية' التي يرفعونها شعارا لهم الان ، فاستمروا بتقديم الاستجوابات رغم اجواء تفجيرات المقاهي الشعبية وموكب الامير الراحل وظروف الحرب العراقية الايرانية ، وتقدم النواب احمد الربعي ومبارك الدويلة وحمد الجوعان  بأول استجواب في مجلس 1985 لوزير العدل والشؤون القانونية والادارية الشيخ سليمان الدعيج بسبب تجاوزات صندوق صغار المستثمرين ، حتى استقال الوزير قبل جلسة طرح القة لنزع فتيل الازمة.
وبعد شهرين فقط تم تقديم اربع استجوابات دفعة واحدة وهي ضد وزير النفط الشيخ علي الخليفة الصباح مقدم من النواب عبدالله النفيسي وجاسم القطامي ، وكذلك استجواب لوزير المالية جاسم الخرافي من قبل النواب سامي المنيس وناصر البناي وخميس طلق عقاب ، واستجواب ثالث لوزير المواصلات عيسى المزيدي مقدم من النواب فيصل الصانع ومحمد المرشد واحمد باقر (محامي الحكومة الحالي) بسبب تحصيل رسوم الخدمات واستجواب رابع لوزير التربية والتعليم العالي حسن الابراهيم قدمه احمد الشريعان ومبارك الدويلة وراشد سيف الحجيلان.
ولعل مجلس 1985 كان بداية بروز النواب البدو لاول مرة في صفوف المعارضة ولكن دون دور قيادي ، بل منقادين خلف التيارات المسيطرة ذلك الوقت ، حتى تم حل المجلس حلا غير دستوري في 1986 فكانت القيادة لرئيس مجلس الامة حينذاك احمد السعدون الذي كان انسب الاشخاص لقيادة المعارضة والحركة الدستورية ودواوين الاثنين رغم وجود عمالقة من امثال الدكتور احمد الخطيب وجاسم القطامي ، الا ان السعدون مثل حالة وطنية يمكنها ان تجمع الاطياف المختلفة للمعارضة من ليبراليين واسلاميين وبدو.

نهاية عهدهم ..

وبعد تحرير الكويت عام 1991 وعودة الحياة النيابية عام 1992 انفرد التيار الاسلامي بقيادة الساحة السياسية خاصة وان الليبراليين ارتبط اسمهم بالقومية العربية التي سقط مفهومها من قلوب الكويتيين بعد كارثة احتلال الكويت.
ويعكس حالة القوة للاسلاميين وانفرادهم في الساحة السياسية الاستجواب الذي قدمه النائب مفرج نهار المطيري الذي ينتمي للتجمع السلفي لوزير التربية والتعليم العالي الدكتور احمد الربعي في فبراير 1995 بسبب مخالفات في السكن الجامعي وتجاوزات في البعثات ، وانتهى بتاييد 21 نائبا لطرح الثقة بالوزير فيما ايد الوزير 17 نائبا وامتنع وغاب 7 نواب.
وكذلك الاستجواب الذي قدمه النواب الاسلاميون وليد الطبطبائي ومحمد العليم وفهد الخنة لوزير الاعلام سعود الناصر الصباح بسبب دخول كتب منوعة لمعرض الكتاب وانتهى  الاستجواب باستقالة الحكومة قبل جلسة طرح الثقة بما يعكس قوة التيار الديني حينها.
وايضا انتهاء استجواب عباس الخضاري لوزير الاوقاف احمد الكليب بسبب اخطاء في طباعة المصحف بحل المجلس في عام 1999 ، وتم تقديم طلبين لطرح الثقة من قبل عشرين نائبا جميعهم اسلاميون وقبليون ونواب شيعة.
اما التيار الليبرالي فليس ادل على ضعفه في ذلك الوقت سوى استجواب وزير المالية ناصر الروضان الذي قدمه النواب سامي المنيس واحمد المليفي ومشاري العصيمي في يوليو 1997 حيث لم يستطع مقدمو الاستجواب الحصول على عشرة نواب للتوقيع على طلب طرح الثقة في الوزير الذي استجوبوه بسبب 'التفريط بالمال العام وعدم الحرص على استرداد الاموال المستحقة للدولة'.
اذن في السبعينات كانت القيادة لليبراليين وفي الثمانينات اصبحت شراكة مع الاسلاميين الذين تنامى نفوذهم حينها حتى انفردوا في الساحة في مطلع التسعينات ، ولم نكن نسمع بطرح فئوي او اعتراض قبلي على قيادة ليبرالية او اسلامية حضرية!! رغم ان محاور استجوابات ال2000 اقوى بكثير من محاور استجوابات كانت بسبب تجاوزات في توزيع وحدات سكنية!!

عهد البدو ...
وفي مجلس 1999 بدأت تتبلور حالة جديدة على الساحة السياسية بعد خسارة احمد السعدون رئاسة المجلس بسبب الانقلاب الابيض للاسلاميين عليه بعد مساومات الحكومة وضغوطاتها عليهم من ابواب مختلفة ابرزها حربها ضد اكشاك جمع التبرعات التي لوحت الحكومة بازالتها لتساوم الاسلاميين على بعض القضايا خاصة وانهم التيار الذي كان يؤرقها في تلك الفترة.
ولكن خسارة السعدون للرئاسة كانت نقمة على الاسلاميين الذين انقلب عليهم الشارع بسبب هذا الموقف ومواقف اخرى ، واصبح الناس مهيئين لتبني بديل جديد عن الاسلاميين الذين لم يضعفوا بل فقدوا القيادة التي شاركوا بها في الثمانينات واحتكروها في التسعينات.

كتب : مشعل الحيص

تعليقات

اكتب تعليقك