ليست مسألة شيك، بل استهداف نصف المجتمع

زاوية الكتاب

الرميحي: قصة الشيك ترمي إلى تعطيل المسيرة وعودة لعصر الحريم

كتب 2168 مشاهدات 0


كتب الدكتور محمد الرميحي مقالا افتتاحيا بالأمس في صحيفة 'أوان' التي يرأس تحريرها، وفي المقال يفسر الدكتور الرميحي قصة شيك النائب فيصل المسلم بأنها غطاء لهدف آخر هو الانتقام من مجلس 2009 بالذات الذي أوصل المرأة لأول مرة في تاريخ الكويت، وبأن العملية برمتها لا تهدف إلى الإصلاح ولا كشف الشيك ولا من ورائه بل الهدف هو وقف التنمية وخلق الأزمات لحل هذا المجلس لأنه المرأة ممثلة فيه.

 وحين يكتب مفكر بمستوى الدكتور الرميحي مثل هذا الرأي الذي لم يسبقه عليه أحد،، فإن عودة محرر 'شريط الكتاب' جعلته يعيد نشر المقال الذي نشر أمس، لأنه 'مقال يفرض نفسه'.

التعليق لكم:

قصة الشيك والطبلة
د. محمد الرميحي
2009/11/11
هي قصة طويلة سوف أختصرها. في القانون المرعيّ مبدأ يؤكد أن ما بُني على باطل فهو باطل، وفي القواعد الشرعية قاعدة أصيلة تقول إن «الوسيلة جزء من الغاية»، التعبير الأول واضح، وتفسير التعبير الثاني هو أن الغاية مهما علت لا تبرَّر إن كانت وسيلة الوصول إليها فاسدة وغير قانونية أو غير أخلاقية، فإن كانت وسيلتك معطوبة، حتى لو صاحَبت ذلك لهجة انتصارية تدّعي الحق، فقد أُزهِقت الغاية بوسيلتك الملتوية.
أمام هاتين القاعدتين، فإن الحصول على نسخة، أو صورة من وثيقة، عبر طريق ملتبس لا يحمل في طياته حجة؛ لا قانونية ولا أخلاقية، حسبما تعارف عليه المجتمع، ويعرّض صدق هذا الفعل أمام الثقات من الناس إلى الاهتزاز وأثره إلى التلاشي، فإن كانت الوسائل ملتوية وجب البحث عما وراءها من أجندة.
وعندما نبحث عن الأجندة، نجد أن الذي في «الفخ أكبر من العصفور»، هناك أجندة تتكشف لنا تباعا، وهي أن البعض لا يريد لهذا المجلس بالذات أن يستمر، ويرغب اليوم قبل الغد بأن يرحل، وهذه الرغبة أصبحت هوَساً غير سوي، هل تعرفون لماذا؟ إنه وجود السيدات الكريمات الأربع في هذا المجلس.
كل حيلة في الجعبة مورست من أجل نفيهن المعنوي وتهميشهن، من بداية الحديث عن الملابس وغطاء الرأس، الذي فشلت مساعيه في المحكمة الدستورية، إلى ما لم يُعرَف حتى الآن على نطاق واسع، وهو طلب البعض شفهياً من إدارة المجلس أن تخصص «استراحة للنساء»، فلمّا رُفض الاقتراح، بسبب عدم منطقيته، قُدِّم طلب شفهي آخر أنكى منه، وهو الحد من حركة «النساء» في قاعة عبدالله السالم! لكنّ الطلب الثاني قوبل مرة أخرى بابتسامة ساخرة!
وجود السيدات في أي مكان مشكلة كبرى لدى البعض، فما بالك في مجلس نواب، إذ يجب أن تحارب الظاهرة بشتى الطرق، ولعل أفضل طريقة هي التأزيم المتلاحق، فلربما يأتي حلٌّ وتختفي الوجوه النسائية أو يتقلّص عددها.
للتأزيم طرق مختلفة؛ «شيك» صرفه رئيس وزراء يؤثِر مساعدة الآخرين على نفسه، لشخص لا نعرفه، ولا يريد المدّعي أن يشير إليه، إذ إن البيّنة على من ادّعى، ومع ذلك يستدعي التهديد والوعيد باستجواب الرئيس. مَن المستفيد؟ وكيف استفاد من المبلغ؟ لا يريد أن يفصح، في الوقت نفسه يتجاهل «شيكا» آخر صُرف لزميل له معروف ومعترف بقبول الشيك، وفاضت الأقاويل حوله، ولكن لا أحد يطلب من ذلك الزميل بيان نياته، لأن النية مشكوك فيها لدى البعض، وبيضاء ناصعة لدى الآخر، إنه الكيل بمكيالين، ثم يأتي التهديد من مكان آخر، الموسيقى.. ويا طلابة الموسيقى، المزمار والطبلة، وتهديد رئيس وزراء بالمساءلة السياسية بسببها من جديد!! يستحق هذا أن يدخل موسوعة غينيس في باب أغرب الأفعال السياسية على مستوى العالم.
ألم أقل لكم إن ما في الفخ أكبر من العصفور، وهو استهداف مجلس تاريخي؟
عملان متشابهان يُتجاوز عن واحد ويُعلَّق الثاني في رقبة الديمقراطية. الهدف هو المجلس هذا بالذات، يريد هذا البعض أن يئدَه من أجل تحقيق تلك الأجندة.
البعض الآخر من اللاعبين السياسيين استمرأ قصة «الشيك»، «وامتنع عن الطبلة» ليكمل العزف خوفا على الدستور والقواعد الدستورية، وكأن من يهدد الديمقراطية، هو من يقول ليل نهار إنه متمسك بالدستور وعاشق للديمقراطية، تقول ذلك القيادة السياسية ويقوله المواطن.
الاستنكار منصبٌّ على الممارسة الشائنة التي نراها أمامنا، ترك قضايا التنمية الكبرى، وتعثر الاقتصاد وتخلف التعليم، والملاحقة الشخصانية المقيتة، الحق أن من يريد وأد الديمقراطية هو من لا يقبل الآخر (هنا السيدات)، والذي يريد أن يصرف نظرنا جميعا عن متابعة خطة التنمية، وهي خطة دقيقة وطويلة الأمد، وفيها خير كثير للمواطنين، يريد أن يصرفنا عن كل ذلك، باتّباع وسائل غير قانونية، لكي تختصر الديمقراطية في موضوع «الشيك والطبلة»، وهو اختصار بشع لفضاء أرحب ارتضاه المجتمع الكويتي، وأمل معه بتحقيق التنمية.
قلة لم تعجبها النتائج الانتخابية تريد تهميش نصف المجتمع فتختلق الأزمات، ترمي إلى تعطيل المسيرة والعودة إلى عصر الحريم، وهي فاقدة لأجندة إيجابية، والشعوب لا تسير إلا إلى الأمام، مهما علا الصراخ.

أوان-مقال يفرض نفسه

تعليقات

اكتب تعليقك