خروج شل ونهاية مشروع الصين

الاقتصاد الآن

2288 مشاهدات 0



بعد أكثر من 12 عاما من تبني مؤسسة البترول الكويتية مشروع الإستثمار البترولي والبتروكيماويات في الصين أصبح المشروع الآن في خبر كان، بعد اعلان شركة شل في الأسبوع الماضي عن انسحابها من المشروع بعد أكثر من 5 سنوات من المفاوضات والتعاقدات لبناء مصفاة ومجمع كيماوي في الصين، في حين بدأت شركة أرامكو السعودية معنا في نفس الوقت ببناء مشروع مماثل وبنفس الغرض والأهداف وشارف على النهاية وجاهزا للعمل مع نهاية العام الحالي. 

ولا نعلم أسباب خروج شل من الشراكة الاستراتيجية مابين مؤسسة البترول و شركة 'سينوبك' الصينية  المسوؤلة عن قطاع المصافي و التكرير وقطاع البتروكيماويات، إلا أن الشركة ادعت بأن سبب خروجها يعود الى تغييرجذري في سياسة الشركة والتركيز على قطاع البحث والتنقيب عن النفط الخام أو بما يسمي ب ( Upstream) . لكن هذا السبب غير مقبول على الإطلاق وخاصة أنه أصلا كان توجها للشركة منذ تأسيسها، والتركيز على قطاع النفط الخام وايجاد المزيد والإستثمار في جميع بقاع العالم نحو زيادة موجوداتها من النفط الخام و بدون تردد، لكن هل من المعقول أن تغير الشركة سياستها واستراتيجاتها بين ليلة و ضحاها؟! والسبب أو التفسير الآخر هو الزيادة في كلفة بناء المشروع والذي زاد من 5 الى 7 مليارات ووصل الآن الى 11 مليار دولار يعني ضعف المبلغ الأساسي، هذا قبل البدء بالعمل الفعلي في بناء  المصفاة ومجمع البتروكيماويات، وهذا سبب غير مقبول أيضا لأن بإمكان الشركاء ال3  في الأصرار على  ضغط المصاريف وتخفيضها لما تمتلك شل من خبرات لتقليل الكلفة الإجمالية للمشروع.

وهل من المعقول أن تنسحب شركة عالمية مثل شل من مشروع مرتبط  بدولة نفطية منتجة ولديها إحتياطيات نفطية هائلة من النفط الخام، و من دولة نفطية كبرى ومن مؤسسي منظمة 'أوبك' وهي شركة نفطية منذ تأسيسها وليس من مصلحتها على المدى البعيد أن تضر بعلاقاتها مع الكويت، وهل من المعقول أيضا أن تنسحب من مشروع حيوي في الصين عملاق الإقتصاد العالمي القادم، وثاني أكبر بلد مستهلك للنفط، ومن أوائل الدول التي كانت توزع فيها شركة شل مادة 'الكيروسين' بالمجان حتي تستطيع أن تحوز على نسبة مميزة في اسواق الصين، وهل من المعقول ان تضحي شركة شل بكل هذا وتعلن انسحابها بكل هدوء ومن دون اي اعتبار لمؤسسة البترول الكويتية؟ والتي وقعت معها مذكرة تفاهم منذ أكثر 4 سنوات في مجال التفاهم والمشاركات النفطية المختلفة محليا وخارجيا. 

الآن وبعد هذه المقدمة هل هناك من مقتنع بأن سبب انسحاب شركة شل هو التغيير الإستراتيجي المفاجئ؟ أم أن هناك أسباب اخرى ومنها ضعف الإدارة الحالية وضعف الثقافة والخبرات النفطية في مؤسسة البترول الكويتية، وعدم امكانية شل التفاهم والتعامل مع الإدارة الحالية، وعدم جدية المؤسسة بالتعامل مع هذه المشاريع الكبري، وعدم وجود الطاقات والكوادر البشرية لإدارة المشاريع كبري. 

والأسباب الأخرى ايضا تعود الى  ضعف أداء القطاع النفطي و عدم قدرته على تنفيذ أي مشروع نفطي استراتجي حيوي، وفشله في  بناء المصفاة الرابعة و مشروع ك- داو ، وفشل المؤسسة مؤخرا في اقناع كبار المسوؤليين في شركة'بترامينيا' ( Pertamia ) الأندونسية بتجديد عقد الغاز أويل  أو حتى مقابلتهم، هذا كله وبالإضافة الى ضعف تقييم أداء المؤسسة في البيوت الإستشارية المختلفة، وعدم امكانية مؤسسة البترول من تحسين ادائها و انها مازالت في تراجع مستمر.  

طبعا هذه الأسباب تؤثر حتما على سمعة المؤسسة والشركات العالمية دائما تتابع نشرات ومشاريع المؤسسات البترولية والإختلافات والتغيرات الفجائية في المراكز القيادية و تضارب المصالح ووجود المستشاريين، بالإضافة الى الإختلاسات أو السرقات من مادة الديزل من المصافي المحلية، كل هذا يصب في زعزة الثقة وعدم المصداقية وعدم وجود الإدارة العليا للتعامل والتفاهم، خاصة وأن خبرات الإدارة الحالية غير مشجعة على الإطلاق مع خروج كل من شركتي شيفرون الأمريكية و بي.بي . من الكويت مؤخرا. 

كل هذا صب ويصب في خانة عدم الإستقرار والارتياح والتعامل مع مؤسسة البترول الكويتية، ولذا هذا هو السبب الرئيس الفعلي لانسحاب شركة شل العالمية من المشروع الصيني، وخروج شركة شل وضع نهاية لمشروعنا النفطي والكيماوي في الصين كباقي المشاريع الأخرى التي تبخرت و تطايرت في السحاب.
 


        

        

الآن: كامل عبدالله الحرمي - كاتب ومحلل نفطي

تعليقات

اكتب تعليقك